منار ديب منار ديب

الموقعجية

ثمة صفات مشتركة لأصحاب المواقع ومديريها، فمعظمهم ليس من جيل الكومبيوتر وإن كانوا ليسوا من العجائز، لكن هؤلاء الذين أدركوا تطبيقات التكنولوجيا (على كبر)، يسعون أيضاً لإعطاء انطباع بشبابيتهم لناحية الموضوعات التي يطرحونها والاهتمامات التي يبدونها على صفحات مواقعهم، وعلى المستوى الشخصي لا يخلون من مسحة من التصابي.

يحاول هؤلاء الموقعجية الذين ازدهروا في المواقع وحققوا حضوراً من خلالها دون أن يكون لهم منجز يذكر قبل ذلك ما خلا سيرة مشتهاة، يحاول هؤلاء أن يظهروا بمظهر المعارضين وأصحاب الصوت العالي بينما تزين الإعلانات الحكومية وتلك الخاصة بمؤسسات أبناء السلطة صفحات مواقعهم، مواقفهم ملتبسة، ولا تخلو من (لغوصة)، تتجاور الفضيحة مع الإساءة الشخصية، التنظير الساذج النابع من شعور بأهمية ما، بالتسريبات الغامضة والموجهة.

ولأنهم يسرحون ويمرحون في صفحات هم فيها الآمر الناهي، فلا بأس أن يكتبوا أي كلام، وأن ينشروا لأي كان، فالمستوى المهني في عالم الأنترنت متدن عموماً، وفي هذا الفضاء الافتراضي يمكن تحقيق أمجاد صحفية وهمية، فالصراخ يغني عن الثقافة والتهكم يغني عن الفكر، والجرأة المجانية في موضوعات الجنس خصوصاً تغني عن تقديم طروحات ذات قيمة.

لدى هؤلاء قائمة من أكباش الفداء، التي يوجهون سهامهم إليها، خصوم خارج السياق، كأن يستهدفون أحزاباً لم يعد لها دور، وليس هناك من يدافع عنها ويحملونها كل المصائب، أو أيديولوجيات لم يعد لها حضور، أو أفكار لا تمثلات محلية لها، أو حالات فردية لا تشكل ظاهرة أو خطراً، أو رجال دين بلا أتباع تتداول أخبارهم على سبيل الطرافة، أو يوجهون رسائل شخصية إلى أصدقائهم لاتعني سواهم. مدافعون عن الحرية، لكن الحرية الشخصية فحسب، معجبون بذاتهم جداً، وبما يسمى جيلهم، لايقرؤون وما قرؤوا قبلاً.