عيد رأس السنين
تبعاً للحركة الدائرية للسنين فإن نهاية العام هي بداية لعام جديد، وهنا تنشأ القضية الجدلية للاحتفالات التي ترافق هذه الفترة، فهل هي احتفالات بمناسبة انقضاء العام الفائت؟ أم بمناسبة استقبال العام الجديد؟ وهنا لا بد لنا أنا نستشف بعض الحقائق المتعلقة بطبيعة هذه الاحتفالات، فإن كانت تعود على العام المنصرم فهذا يعني بأننا فرحون بمرور فترة عصيبة من حياتنا، وهذا ما يدفعنا لكي نمارس طقوس العيد والبهجة بتجاوزنا هذه المرحلة، أسوة باحتفالاتنا بعيد الجلاء وغيرها من المناسبات التي نحييها تعبيراً منا بالفرح لتخطينا هذه المحنة التي ألمت بنا.
أما إذا كانت الاحتفالات تعود على العام الجديد، فهنا نكون قد عدنا للطقوس الوثنية، التي كانت تقدم فيها القرابين للآلهة لتنعم على البشر بأيام خيرة، كالقرابين التي كانت تقدم لآلهة الحرب قبل بدء المعركة، أو لآلهة البحر قبل الخروج للصيد.
ولكن مهما كان السبب دعونا نقف قليلاً عند هذه المناسبة من الناحية الاقتصادية، وهل حقاً مر على معظمنا خلال السنة الواحدة عام أو أكثر أو اقل؟ ففي عالم الأعمال: اليوم = 8 ساعات من العمل ضمن الحد الأدنى للأجور، الذي غالباً لا يحصّل نصفه...!
وتبعاً لذلك فإن الكثير من البشر يمارسون العمل بمعدل 12 أو 16 ساعة في اليوم الواحد، لكي يحافظوا على انتمائهم الطبقي لطبقة الفقراء لئلا ينحدروا إلى طبقة «تحت خط الفقر»، ففي كل 24 ساعة يمر على هؤلاء يومان أو يوماً ونصفاً من العمل، فالعام عندهم يساوي عامين أو عاماً ونصفاً من العمل المجهد.
أما القسم الثاني من البشر، فهم الذين يملكون قطيعاً يضم العديد من رؤوس السنين، لكن قيمته الاقتصادية تساوي صفراً، فهم مازالوا يبحثون عن عمل ولم يحققوا بعد معادلة يوم العمل.
أما القسم الثالث من الأشخاص، فهم أولئك الذين لا ينتمون لعالم حساباتنا الاقتصادية، فأعمالهم قائمة طوال الوقت دون أن يبذلوا أي جهد، مثل ذالك الرأسمالي الذي سئل في مقابلة تلفزيونية كم تبلغ ثروتك؟ فرد على المذيع هل تريد أن تعرف قيمة ثروتي قبل السؤال أم بعده؟
ويبقى القسم الأخير من الناس الذين يحققون المعادلة بحذافيرها ويكون العام عندهم يساوي عاماً.
لكن بالرغم من كل ما سبق فالكل يقول عيد رأس السنة أوليس الأجدر بالكثيرين أن يقولوا عيد رأس السنة والنصف أو عيد رأس السنتين أو عيد رأس السنين؟!