نجوم.. دراما.. ودولار!
لم يسلم قطاع الدراما من موضوع تدني الأجور في سورية والهوّة الشاسعة التي حصلت بسبب فقدان الليرة السورية قيمتها الشرائية، حيث انعكس تدهور الوضع الاقتصادي العام في البلاد على الممثلين والفنانين الذين يعانون هم أيضاً من مشاكل مادية بسبب أجورهم المنخفضة مقارنة مع الغلاء المعيشي.
ورغم بقاء الشركات الإنتاجية الفنية عند حدود المبالغ التي كانت تُدفع قبل الأزمة وبالليرة، بينما تبيع بضاعتها الفنية بالدولار! مازالت الدراما السورية تنافس بقوة الأعمال الرمضانية العربية، لكن العائق الأساسي أمام الممثلين لم يعد الحرب بل تداعياتها الاقتصادية.
«خيار وفقوس»
تتعامل شركات الإنتاج مع الممثلين بـ«مزاجية»، حيث يقبض كثير من العاملين في الدراما بالليرة، بالمقابل يُمنح بعض الممثلين أجورهم بالدولار وخصوصاً نجوم الصف الأول.
أمام واقع تدني الأجور وظروف الإنتاج الصعبة، ورغم كثرة الشكاوى من سوء المعاملة التي يواجهون بها، لا يملك الممثلون أمام هذا الواقع سوى الرفض أو القبول في غياب من يحاسب أو يدقق أو يحدد أجور الفنانين، وهذا ما يؤكده عدد من الممثلين السوريين، يختصر الممثل فادي صبيح واقع تدني الأجور قائلاً: «الأجور لا تواكب الظرف الاقتصادي في البلد». بينما تؤكد الممثلة شكران مرتجى، أن عدداً كبيراً من الشركات المنتجة أصبحت تتعاطى مع الأجور ومواعيد الدفع بطريقة مهينة إلى درجة أنها تمتنع عن الرد على اتصالات الممثلين، وكأنهم يتسوّلون أجورهم.
أما الممثلة رنا شميّس فتركز على صعوبة الظرف الإنتاجي الذي يحيط بكواليس إنتاج المسلسلات، وعدم جدوى الكلام فيها فتقول «ما الجدوى من الكلام إن كان لا شيء سيتغيّر؟». ثم تستطرد «لن نُضيع وقتاً وجهداً في الحديث أو مناقشة واقع لن يتغيّر طالما أن الحالة ستبقى على ما عليه، فالكلام عبث. لا يوجد من يُحاسب أو يدقّق أو ينظّم، لذا فإنه عندما ننعم بوجود اتحاد منتجين في سورية، يُصبح للكلام جدوى، أما عن وضعنا الحالي، فلا نملك إلا الرفض أو القبول..».
يحاول الممثل قاسم ملحو مقاربة المشكلة من جانب أكثر شمولية، فيقول: «موضوع الأجور لا يقلّ خطورة عن مردّات الحرب المشتعلة في سورية، فبعض المنتجين لا يفرقون عن تجّار الأزمة الذين يستغلّون الظرف الاقتصادي المنهار ليبيعوا بضاعتهم بأرقام أعلى مما تستحق بأضعاف..»، ويلفت ملحو الانتباه إلى مشكلة أخرى مقلقة تتمثلّ في «ظهور «منتوج صيني» في الدراما السورية، أي أعمال تنتج بمبالغ زهيدة لا تتعدى 40 ألف دولار، ما يعادل أجر ممثل واحد قبل الحرب، إضافة إلى تسلّل منتجين دخلاء إلى السوق يجّربون إنتاج مسلسلات سخيفة بأجر ممثل واحد».
«العقد شريعة المتعاقدين»
تتذرع شركات الإنتاج بصعوبة تسويق الأعمال الفنية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وتهاوي الليرة السورية وفقدانها قيمتها. وتبرر بعض هذه الشركات الازدواجية في التعامل مع الفنانين في موضوع الأجور، بمكانة ومستوى الفنان وخدمته للمشروع، إذ يدفع لبعض الممثلين ما يطلبونه من أجور لأنهم «أسماء» تخدم في التسويق، بينما هناك ممثلون لا يقدّمون أيّ شيء في هذه العملية. ثم أن «العقد شريعة المتعاقدين»!
الدراما المصرية ..«حاجة تانية»
تشهد الدراما العربية كماً هائلاً من الأعمال هذا العام، لكنها تعتمد في التنافس في السباق الرمضاني غالباً على مدى شعبية الممثلين.
فقد تجاوزت ميزانية مسلسلات رمضان هذا العام في مصر مليارين ونصف. ويستحوذ الممثلون على 70% من ميزانية أي عمل درامي بدعوى أن نجوميتهم هي التي تؤدي إلى نجاح المسلسل. ورغم ما يواجهه المنتجون من صعوبات تجبرهم على تأجيل أعمالهم الدرامية أحياناً للعام المقبل إلا أن البعض الآخر يضطر إلى دفع مبالغ ضخمة للممثلين «الكبار» لضمان نجاح أي مسلسل!
ففي هذا العام حظي الممثل عادل إمام بالأجر الأعلى الذي قفز من 36 مليون جنيه في العام الماضي إلى 40 مليوناً هذا العام، ويليه كل من النجمين يحيى الفخراني ومحمود عبد العزيز بأجور تراوحت بين بين الـ27 و28 مليون جنيه، ووصل أجر محمد رمضان لـ24 مليون جنيه ثم يأتي بعده الفنان محمد منير متساوياً مع الممثلة غادة عادل بأجر يساوي 22 مليون جنيه.
أما الفنان مصطفى شعبان فقد ارتفع أجره هذا العام عن العام الماضي من 5 ملايين جنيه ليصل إلى 18 مليون جنيه، إضافة إلى نيللي كريم ويوسف الشريف وطارق لطفي وعمرو يوسف وداليا البحيري ..الخ.
ويرجع المنتجون أسباب ارتفاع تكلفة إنتاج المسلسلات في رمضان 2016 وزيادة أجور الممثلين بطريقة خيالية إلى قوة التنافس التي تشهدها الدراما العربية خاصة مع الكم الكبير من المسلسلات السورية والمسلسلات الخليجية.
وفي مقارنة بسيطة بين الأعمال السورية والمصرية، نجد أن ميزانية المسلسلات الرمضانية السورية هذا العام تقل عن نظيرتها المصرية، كما تقل أجور الممثلين بكثير عن الممثلين المصريين حيث تتراوح أجور نجوم الصف الأول في سورية بين 150 ألف إلى 200 ألف دولار وهم من قلة من القلائل، من بينهم سلاف فواخرجي وكاريس بشار والفنان عباس النوري.
أما الدراما الخليجية فرغم تزايد تكاليف إنتاج المسلسلات إلا أن قلة عدد الأعمال المنتجة سنوياً يجعلها تصنف بعد الدراما المصرية والسورية.