أدب المراسلات واليوميات(1/2)

أدب المراسلات واليوميات(1/2)

يضم التراث الأدبي العالمي أرشيفاً كبيراً لشكل فريد من الأدب،  المراسلات  الرسائل، وﻫو فن من الفنون النثرية عرفته البشرية منذ القدم، كانت تشكل دواوين خاصة بهذا الفن في كثير من الأحيان، يجلب له أبرع المؤلفين، وأمهرهم تعبيراً وأكثرهم بلاغة، وكانت دواوين الرسائل في عصور العبودية والإقطاعية القديمة بمثابة وزارات الإعلام والاتصال في عصرنا الحالي. 

المراسلات القديمة 

كانت البداية مع وسائل التخاطب، من رسوم ونقوش ورسائل، حاجة ملحة للإنسان، وكانت من اختصاص الطبقة المتعلمة التي تجيد الكتابة من الحكماء والكهنة في عصور العبودية. وتجلت في أروع صورها في قوانين وألواح وخطب القادة والشعراء والأنبياء والرسل، وتتمتع بالبلاغة وقوة الحجة لإبلاغ الرسائل إلى الأقوام والشعوب ومنها: «قوانين حمورابي، صحف إبراهيم، ألواح موسى، الوصايا العشرة، رسائل وخطب الأنبياء عيسى ومحمد».

عرفت المراسلات منذ توسع ظهورها في الشرق العربي في القرن التاسع الميلادي تحت اسم أدب المكاتبات، وكانت تقسم إلى ثلاثة أقسام، المراسلات الأدبية التي  تضم  المراسلات الرسمية، والمراسلات الأهلية التي تعرف برسائل الأشواق التي تدور بين الأصدقاء والأقارب، والمراسلات العلمية.

ومن أشهر الكتاب في أدب المكاتبات والرسائل الأدبية عبد الحميد الكاتب المتوفي سنة 132 هـ وأبو الفضل بن العميد المتوفي سنة 360 هـ والقلقشندي المتوفي سنة 821 هـ صاحب كتاب (الأعشى في صناعة الإنشا) ويقع في عشرات المجلدات وهو أضخم موسوعة في أدب المراسلات والمكاتبات.

أما أشهر كتاب المراسلات الأهلية  بديع الزمان الهمذاني المتوفي سنة 398 هـ  الذي ترك أثراً غزيراً في رسائل الأشواق وأول رائد لفن المقالة في الأدب العربي. 

رتب العلامة المصري أحمد الهاشمي في كتابه (جواهر الأدب)، أدب الرسائل في عدة فصول، بحيث ضم إلى كل فصل من فصولها،  أجمل ما وقع عليه اختياره من هذه الرسائل عبر التاريخ من الأدب العربي في العصور الوسطى، وأروع ما انتظمت فيه شواهد البلاغة، وأرقى ما أبدعت به أقلام الكبار وقسمها إلى رسائل: «الشوق، التعارف، الهدايا، الرسائل المتداولة، الطلب والشكر، الاستعطاف والاعتذار، النصح والمشورة، الملامة والعتاب، الشكوى، التهاني والتعازي... إلخ»

المراسلات الحديثة 

انتقل فن أدب المكاتبات أو أدب الرسائل من  الشرق إلى الغرب عن طريق إسبانيا «الأندلس» بعد القرن الثاني عشر الميلادي وقد حظي أدب الرسائل في الأندلس بكتاب معظم فرسان السياسة والأدب مثل ابن شهيد وابن برد الأصغر وابن حزم وابن طاهر وغيرهم ومن هناك انتقل هذا الفن إلى أوروبا.

أدب الرسائل ونضال البشرية

استخدم أدب المراسلات منذ القرن السابع عشر بشكل واسع في المعارك التحررية التي خاضتها البشرية ضد الظلم والاضطهاد، خاصة في الثورات البرجوازية، الهولندية، والإنكليزية، والفرنسية، وأيضاً الحركات الفلاحية، وكذلك مراسلات ماركس وأنجلز ولينين.