القامشلي: مبادرات فردية ترسم أملاً وسط اليأس
بينما كانت السيارات المسلحة تمر بوتيرة جنونية وسط مدينة القامشلي متوجهة لاشتباكات محتملة غير مفهومة أحياناً، كما اعتاد السكان خلال الأزمة السورية، تابعت مجموعة من الشباب رسومهم على جدران حائط قديم أهملته بلدية المدينة لاعتبارات تقليدية معروفة.
يصمم الشاب كنان على تنفيذ مشروعه الذي يعنى بتنمية مهارات الأطفال في مدينة، يسيطر عليها القلق من مستقبل مجهول شأن كل المدن والبلدات السورية التي أنهكتها الحرب.
تابع كنان ومجموعة من الشباب برفقته الرسم والتلوين على الحائط، برسوم بات الأطفال يتذكرونها بصعوبة مع مشاهد السلاح والاشتباكات التي تقع في المدينة، مجموعة من الفراشات والأزهار على بساط أخضر، تحاكي فصل الربيع الذي تمر به البلاد، غيرت منظر أحد التقاطعات الشهيرة في المدينة.
افتتح كنان قبل أيام نادياً لتعليم الأطفال على كل أنواع الفنون والمهارات، من رسم وموسيقا وتمثيل وغناء وأعمال يدوية ومسرح وكمبيوتر وتعليم اللغات، وتقوم فكرة النادي على اكتشاف مهارات الطفل وميوله، والعمل على تنميتها من خلال التواصل مع الأهل والمدرسة.
ويعتمد النادي على طريقة جمع الاشتراكات من الأطفال على قدر التكاليف التي لا تتعدى تكاليف مقر صغير مستأجر، وبعض الأدوات، فيما يعمل كنان ومجموعة من المحترفين في شتى المجالات بشكل شبه تطوعي.
ويقول كنان في حديثه لـ«قاسيون» عندما تنتشر الانتماءات القومية والدينية والعشائرية في مكان ما، فإن أفضل مايمكن اختياره هو الأطفال كقومية ودين.
وتخصص «خناف» وهي خريجة متفوقة من المعهد العالي للموسيقا جزءاً من وقتها لتعليم أطفال النادي على الموسيقا، بينما يهتم مختصون آخرون بباقي الفنون والمهارات، فيما يوجد مرشد نفسي يتابع حالات الأطفال وتمايزاتهم كل على حدة.
ويريد كنان الذي يعتزم افتتاح فرع آخر للنادي في حي آخر من أحياء المدينة لتجنب الحاجة لوسائل نقل مكلفة، أن يترسخ المشروع بين المتطوعين العاملين فيه ويغادر هو نحو فكرة جديدة، معتمداً على فكرة التشغيل الذاتي.
وتجربة كنان واحدة من تجارب قليلة، يريد القائمون عليها ترسيخ جانب آخر للحياة تفتقده المدينة التي شهدت موجة هجرة كبيرة نحو الخارج، ويعاني سكانها الباقون من ضغوط معيشية صعبة، تجعل الاهتمام بالأطفال آخر الأولويات.
حيث لا يسمح الأهالي لأطفالهم باللعب وحدهم في الخارج خوفاً من الخطف، ويشاهد الأطفال مظاهر السلاح، ويسمعون أصوات الرصاص في مدينة فيها طبيب واحد مختص بالأمراض النفسية، وغادر البلاد قبل مدة على خلفية الصراع الدائر.
بينما كانت أصوات الرصاص تسمع في الخارج، تنذر بخطر محتمل قادم، كان الأطفال منهمكين بالعزف على مختلف الآلات الموسيقية في مقر النادي.