1900.. صعود الحزب الشيوعي الإيطالي
ولد المخرج والسيناريست الماركسي برناردو بيرتولوتشي في إيطاليا عام 1941، نشأ ليكون شاعراً كأبيه ودخل كلية الآداب لكنه أصبح من أهم المخرجين الإيطاليين بعد ذلك، له عشرات الأعمال السينمائية المشهورة مثل «الحالمون، التانغو الأخير في باريس، السماء الواقية، الامبراطور الأخير، الأعراف».
يجمع الكل أن السياسة و الإباحية عاملان أساسيان في كل أفلام بيرتولوتشي.
فيلم 1900 من إنتاج عام 1976 وبطولة «روبرت دي نيرو وجيرار دو بارديو ودومينيك ساندا ودونالد ساذرلاند وأليدا فالي وبيرت لانكستر»، بدأت السينما الاستهلاكية في تلك الفترة في الرواج، تلك التي تحكي عن المخدرات والعنف، عندما كان بيرتولوتشي يكتب ملحمته الإيطالية فيلم 1900 الذي يصور صعود الحزب الشيوعي الإيطالي في النصف الأول من القرن العشرين .
يحكي الفيلم قصة رجلين هما ألفريدو ابن الإقطاعي، وأولمو أبن الفلاح، اللذين ولدا في اليوم نفسه سنة 1900، ومن خلالهما يصور مشاهد التمايز الطبقي في إيطاليا وتناقضاته، حيث كان الفلاحون يحشرون مع البهائم في بيت واحد، ويحصلون على الفتات، ويعملون طوال اليوم في أرض البادروني الإقطاعي الذي يعيش فقط كمراكم للثروة متطفل على جهود الفلاحين.
قبل الحرب العالمية الأولى، ضجت إيطاليا بالاضطرابات السياسية واضرابات العمال والفلاحين بقيادة عصبة العمال والحزب الاشتراكي اللتين تحولتا بعد الحرب إلى الحزب الشيوعي. يكبرالطفلان ويتزوج أولمو من انيتا المناضلة الشيوعية ويصبح من كبار منظري وقادة الحزب، حيث يقود نضال قريته ضد جبروت الفاشية. بينما يصبح صديقه الفريدو إقطاعياً يدعم العصابات الفاشية المسماة بذوي القمصان السود.
يقوم الفاشيون بالتنكيل بالفلاحين الفقراء الذين وقفوا في وجه الجلادين، يغنون نشيد جاو بيلا وبانديرا روسا، فينضم أولمو للمقاومة الوطنية الإيطالية التي تقاتل ضد الفاشية، ويصبح بطلاً يلهم الشباب ويطلق أطفال الفلاحين اسم أولمو على أنفسهم إعجاباً بالبطل.
في عام 1945، تتهاوى الفاشية وتحرر المقاومة إيطاليا، فيقوم العمال بإلقاء القبض على الفاشيين، ويقوم أولمو العائد من القتال بإعلان محكمة الشعب ويعلن موت الأسياد وتوزيع الأرض على الفلاحين ثم يعزفون أغاني النصر على الفاشية ملوحين بالأعلام الحمراء، يهتفون بحياة ستالين، ويسلم الأنصار أسلحتهم إلى الحكومة المؤقتة التي كان الحزب الشيوعي ممثلاً فيها بوزير الزراعة الذي وزع الأرض للفلاحين.
يعرض هذا الفيلم التاريخ السياسي لإيطاليا أوائل القرن العشرين من خلال صديقين مختلفي المنشأ الطبقي ويتطرق إلى صعود الحزب الشيوعي الإيطالي خلال مرحلتين مرحلة نضال الفلاحين ضد الأسياد الإقطاعيين ومرحلة العمل السري للحزب وتحوله إلى المقاومة الوطنية المسلحة ضد الفاشية، ويمتاز الفيلم بعرض الواقع الإيطالي كما هو، وتصوير التفاصيل الدقيقة لحياة الفلاحين، كالبساطة والتحدي، حيث يشكل الفيلم مادة تثقيفية جيدة عن تاريخ صعود اليسار الإيطالي خلال مرحلة الصعود العالمي للحركة الثورية في النصف الأول من القرن العشرين.