جرعة نشاط

يا رجل عش يومك وليكن هدفك هو الحياة. ما المبرر من تشاؤمك؟
هذا ما سألني إياه فنجان القهوة.
أنا: الحياة هي هدفي، لكن الحاضر أثقل من أن أتحمله.
فنجان القهوة: هكذا إذاً ألم تصل أنت بنفسك إلى حاضرك هذا؟
أنا: لا أعرف!! ربما.
فنجان القهوة: لا تراوغ ودعنا نراجع أنفسنا.
أنا: قل لي ماذا؟
فنجان القهوة: كم من رشوة دفعتها لموظف كان يجلس خلف مكتبه ويعمل على خدمة المواطن والوطن.
أنا: لا أذكر ولكني كنت مجبراً.
فنجان القهوة: على ماذا؟
أنا: على أن أتابع المعاملة.
فنجان القهوة: ها!! أنسيت أنه واجبه؟ ولماذا تدفع له الدولة راتبه.
أنا: لا لم أنس، لكن كان بمقدرته تعطيل معاملتي.
فنجان القهوة: ارجع إلى القانون إذاً.
أنا: لا أستطيع تحمل أعباء مصاريفه.
فنجان القهوة: اشتك يارجل.
أنا: أين تعيش أنت، لكي اشتكي وتسمع شكواي، علي رشوة موظف آخر.
فنجان القهوة: اطرق باب أحد المسؤولين وأعلمه بما يحصل.
أنا: لن يقابلني، وإن أصريت ربما سيأتي أحد مرؤوسيه ويسأل عن طلب المقابلة، وهنا سأروي له ما حصل، وبدوره سيراقبني وينظر إلي نظرة شفقة ربما سيطلب لي فنجان قهوة خال من الكافئين. تشربه دون أي جرعة نشاط وتعود إلى منزلك تراقب ساعة الحائط منتظراً إنهاء يومك.
فنجان القهوة: لا... لا يجب عليك العودة إلى منزلك، طالب بحقك أكثر.
أنا: كيف أتريدني أن أصرخ في دوائر الدولة وأركض في ممرات ومكاتب مؤسساتها، راوياً لهم ما حصل.
فنجان القهوة: وليكن.
أنا: ها.. عندها ستلفق لي عشرات التهم. ويحضر الأمن ويحتجزني وسأضرب على تصرفات لم أفعلها، ربما سأهان أكثر من أشخاص لا أستطيع مقاومتهم أو الدفاع حتى عن نفسي. سأقدّم إلى القضاء حاملاً معي تهماً لم أفعلها وستحذف التهمة الوحيدة مني بأني لست فاسداً، سيضحك المرتشي مني هو ورفاقه، أتذكر يوم قمت بالدعوة القضائية على شخص، عندما كنت أنا صاحب الحق ولكن فتح أمامنا مزاد فساد علني. لم أستطع أن أجاري المدعي عليه، كانت إمكانياته المادية أكبر مني ومن أسرتي، وسُلب مني حقي.
فنجان القهوة: أرجوك إما أن تشربني عدة مرات يومياً، عندها ستحصل على جرعة نشاط أكبر تساعدك على تغيير واقعك هذا، أو أرم بي أرضاً وارم البن الذي صنعني.