وماذا عن ( صناعة السياحة) الداخلية؟!
كان من أهم ما جادت به قريحة كل الحكومات التي تعاقبت على بلدنا المعطاء, أن المستقبل الزاهي يكمن في ازدهار ما كانوا يسمونه بـ(صناعة السياحة)!, وكانوا من أجل دفع هذا القطاع للأمام، يرصدون له أموالا طائلة في الموازنات العامة، والكثير من الموازنات الخاصة، من أجل الإشغال الكامل للفنادق وتحقيق ملايين الليالي السياحية، فانصب اهتمامهم على السياحة الخارجية، وكأن الشعب السوري غير معني ولا يستحق بدوره الاهتمام بسياحته الداخلية، باعتبار أن الغالبية العظمى منه من ذوي الدخل المحدود والمهدود، وبالتالي فلا حاجة له لمثل هذا الترف الكمالي, ولكن الطامة الكبرى هي أن المسؤولين عن صناعة السياحة، بعيدون عنها وعن أسرار صناعتها، فلم ينجحوا بدفع هذه الصناعة للرواج داخلياً، وفوق ذلك لم ينجحوا خارجيا أيضاً.
إن من يتابع الصحف المحلية، لا يحتاج إلى عناء كي يرى مدى التقصير الحاصل في هذه الصناعة التي هي المستقبل المنشود كما يردد البعض، وعلى سبيل المثال سد حبران الذي يقع على بعد 15 كم جنوب مدينة السويداء، الذي أصبح موقعاً سياحياً هاماً يرتاده الناس في أيام العطل الرسمية، ونظراً للطبيعة الخلابة التي فرضها موقعه بات عرضة للتلوث نتيجة، لرمي القمامة وفضلات الطعام من الزائرين بشكل عشوائي، فلماذا لا تقوم الجهات المعينة بالاهتمام بالنظافة ووضع الحاويات على أطراف السد تجنباً للمشكلات البيئية الناتجة عن ذلك؟.
وفي خبر عن السويداء أيضاً، ولكن عن مخالفات البناء، حيث كان للمواقع الأثرية نصيب فيها، وهذا ما دفع بدائرة آثار السويداء إلى تنظيم أكثر من 50 ضبطاً بحق المتجاوزين على المواقع الأثرية، التي تناولت كما جاء في الضبوط المنظمة، بناء ضمن المواقع الأثرية وإزالة جدران أثرية وإشادة مكانها جدران إسمنتية، وإذا ما استمرت ستزداد مثل هذه المخالفات والتعديات، فهل ستتخذ الجهات المعنية قريباً إجراءات عملية، تقطع الطريق على ضعاف النفوس الذين يستغلون ما يمر به بلدنا؟
وبدورها أوردت صحيفة الثورة، أن العديد من القرى في سهل حوران ومحافظة السويداء تعاني من وجود برك مائية ملوثة بداخلها، ومازالت تشكل مصدر قلق وإزعاج لسكانها، مثل بركة (عتيل، رامي، المنيذرة، سميع، بوسان)، وبعض من هذه البرك أثرية يجب الحفاظ عليها وصيانتها وصيانة الأقنية المغذية لها، وكانت برك الماء الأثرية التي لا تخلو منها أية قرية من قرى السويداء ملتقى للقوافل التجارية، باعتبارها من أهم الموارد المائية في حينها، لكنها تحولت إلى مستنقعات للمياه الآسنة جراء اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي المتسربة بشكل دائم إليها، لوجود عدد من الجور الفنية غير النظامية تمت إقامتها عليها، عدا عن تحولها لمكب للنفايات الصلبة، ما فرض على سكان القرى لاسيما المجاورين لها وبحسب أقوالهم إغلاق النوافذ والأبواب على مدار الساعة.
أليس من الأولويات الآن، منع رمي النفايات داخل البرك من خلال قيام البلديات بوضع حاويات قمامة حولها، وتفريغ هذه البرك من المياه الملوثة وتنظيفها واستثمار مياهها بعد تعقيمها لري الحدائق والمزروعات، مع عدم ردم هذه البرك باعتبارها رومانية وذات قيمة أثرية وتأهيلها لتصبح أمكنة سياحية، أم أن بني يعرب لا يستحقون أن يسوحوا حتى في محافظتهم أيضا؟!.