الاتصالات ترفع أسعارها بلا مبررات ولكن لتحقيق الأرباح!

الاتصالات ترفع أسعارها بلا مبررات ولكن لتحقيق الأرباح!

تستمر الحكومة بنهج تخفيض الدعم وتحرير الأسعار، بدءاً من المشتقات النفطية، ومروراً بالأسمدة والأعلاف، وليس انتهاء بالكهرباء، واليوم جاء دور الهيئة الناظمة للاتصالات لتحذو حذو من سبقها من الجهات العامة وتعلن تسعيرة جديدة لخدمات الاتصالات، تحت الذريعة نفسها «استمرار الخدمة وتحسينها!»

فرغم الزيادات المتتالية المستمرة، والتي قاربت 100% خلال أشهر قليلة، لم يلحظ المواطن أي تحسن في الخدمات المقدّمة من قبل الاتصالات، إذ لا تزال معظم الأرياف، وحتى ضواحي المدن، تعاني من عدم وجود خطوط هواتف أرضية، وعدم توفر بوابات الإنترنت، بالإضافة إلى سوء الخدمات وتراجع سرعة الإنترنت وعدم إجراء الصيانات الدورية اللازمة!

أسوأ خدمة وأدنى جودة بأعلى الأسعار!

منذ عام 2010 حين انتقلت السورية للاتصالات من كونها مؤسسة هدفها خدمة المواطن، إلى شركة ربحية همها الأساسي تحقيق إيرادات على حسابه، أصبحت تجاري أسعار السوق بارتفاعاته المستمرة، فتصدر بين الحين والآخر نشرات تعرفة جديدة للاتصالات الأرضية والإنترنت، كان آخرها بتاريخ 20/2/2024.
وبعيداً عن مفردات التعرفة الجديدة وتبويباتها، واختصاراً نقول: لقد تم رفع أسعار خدمات الاتصالات والإنترنت بحسب التعرفة الجديدة بنسبة تجاوزت 35%، أما خدمات التركيب فقد تجاوزت 50%!
واللافت هنا أنها الزيادة الثانية في أقل من 4 أشهر، حيث تم في العام الماضي رفع أسعار المكالمات الثابتة والخليوية مرتين، الأولى في شهر نيسان والثانية مطلعَ تشرين الثاني، حيث ارتفعت أسعار الخدمات آنذاك بنسبة 25–30٪!
والسؤال الذي يفرض نفسه: ما هي مبررات الزيادة السعرية الأخيرة، بل وحتى الزيادات التي سبقتها؟ فمبررات التكاليف ارتباطاً بأسعار الصرف لا يمكن التذرع بها، فسعر الصرف (الرسمي والموازي) مستقر، ولم يطرأ أي تحسين على الخدمات، بل هي بسوء وتردٍّ أكثر فأكثر!
بالمقابل تبرر وزارة الاتصالات والتقانة قرارات زيادة الأسعار التي تصدرها بين الحين والآخر بضمان استمرار الخدمة وتحسين جودتها، ومع ذلك فإن الخدمة تسوء وتتراجع، لدرجة غياب الخدمة بشكل تام عن معظم المناطق!
إذا،ً الغاية باتت واضحة فليس الهدف هو تحسين الخدمة المقدمة للمواطن فهو ذريعة مَسُوقة مع كل زيادة على التعرفة، بل تحرير أسعار الاتصالات تماشياً مع الأسعار العالمية لتحقيق المزيد من الأرباح السهلة، بغض النظر عن الجودة وعن الأعباء الإضافية التي سيتكبدها المواطن المفقر خاصة!
فقد باتت تكاليف الاتصالات والإنترنت عبئاً ثقيلاً على العديد من الأسر، في عصر باتت فيه هذه الخدمة ضرورة حياتية ومعيشية واجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها، ووسيلة من وسائل العمل والإنتاج والدراسة والتعلّم!
ففاتورة الهاتف الأرضي تقارب 5000 ليرة، والاشتراك بخدمة الإنترنت بسرعة 2 ميغا بمبلغ 15000 ليرة، الاتصالات الخليوية بمبلغ 2000 ليرة، الاشتراك بإحدى باقات النت لا تقل عن 30000 ليرة، المجموع أكثر من 50 ألف ليرة، وهو مبلغ شهري اضطراري لخدمة ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، ويشكل نسبة معتبرة من وسطي الأجور الشهرية!

أول الغيث قطرة!

من ضمن ما نتذكره بعد كوميديا زيادة الأسعار السابقة في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، قيام شركتي الاتصـالات الخلوية سيريتل و MTNبإعادة تسعير خدمات الاتصـالات والإنترنت حينها لتغدو 47 ل.س للدقيقة الخلوية للخطوط مسبقة الدفع، و45 ل.س للدقيقة الخلوية للخطوط لاحقة الدفع، و27 ل.س سعر الميغابايت خارج الباقات.
فهل سيتم تكرار ما حدث بعد زيادة تعرفة الاتصالات لتحذو شركتا الخليوي حذوها بإصدار أسعار جديدة لخدماتها؟
مع العلم أن شركتي الخليوي سبق أن قامتا بتعديل أسعار الباقات مطلع شباط الحالي، دون الإعلان الرسمي عن ذلك من قبل الشركة الناظمة للاتصالات كما جرت عليه العادة، بل تم إعلام الزبائن عبر القنوات الخاصة لشركات الخليوي فقط لا غير، وبحيث أصبحت باقات النت عبر هذه الشركات بعشرات ومئات الآلاف من الليرات السورية، حسب السرعة والمدة، وبنسبة زيادة كبيرة تجاوزت 100%، بما في ذلك الباقات التي كانت مخصصة للنقابات المهنية والطلاب، التي استُبدِلَتْ بها باقاتٌ مكلفة جداً!
ولا ندري ما في جعبة شركات الخليوي من زيادات محتملة قريباً بعد خطوة الاتصالات بزيادة تعرفتها؟!
فذريعة تحسين الخدمة وجودتها متاحة دائماً، بغض النظر عن مصداقيتها، مقابل طغيان الهدف الربحي، والبحث عن المزيد من الأرباح السهلة والسريعة كما درجت عليه العادة، سواء من خلال زيادة الأسعار أو من خلال تردي الخدمة بسبب تخفيض الإنفاق، وهو ما يجري عملياً، وكل ذلك على حساب المواطنين المضطرين لهذه الخدمة ومن جيوبهم، على الرغم من سوئها!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1163