جميل: المعطيات تسمح بإنجاز أكبر في الجولة السادسة

جميل: المعطيات تسمح بإنجاز أكبر في الجولة السادسة

استضاف «نادي الشرق» في وكالة «ريا نوفوستي» الروسية بعد ظهر الثلاثاء 4 نيسان 2017، مؤتمراً صحفياً لرئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، وأمين حزب الإرادة الشعبية، د.قدري جميل، وقف فيه عند المسائل السياسية المتعلقة بالجولة الخامسة من مؤتمر جنيف3، وما سيلي ذلك من خطوات.

 

في بداية المؤتمر، قدّم د.جميل عرضاً سياسياً، تضمن موقف الحزب والمنصة مما جرى خلال الجولة الخامسة من المفاوضات، ليستهل كلمته بالقول: شاركنا بوفدٍ يمثل منصة موسكو وكان على رأسه السيد مهند دليقان، وكان هنالك إلى جانب الوفد بعثة رئاسة المنصة، وكرئيس للمنصة كنت أنا في هذه البعثة، وكان هنالك ثلاثة أعضاء رئاسة آخرون أما الوفد الذي شارك في المفاوضات المباشرة مع دي ميستورا فتكون من خمسة أعضاء.

جنيف ملتقى نيران الإعلام

أنا موافق مع الفكرة التي تقول أنه: لا يجوز تقييم الجولة بأنها فاشلة، ولكن تقييمها بأنها نجاح كبير صعب.. هنالك تقدُّم، وأريد أن ألفت نظركم إلى أن الكثير من وسائل الإعلام حاولت أن تشيع جواً من التشاؤم والإحباط وأن الجولة فاشلة مئة بالمئة، وفي آخر مقابلة تلفزيونية لي قلت: إني لست موافقاً بأن الجولة فشلت، فالجولة لم تفشل، لكنها لم تحقق كل ما هو مطلوب منها.

لماذا هذا الهجوم الإعلامي على جنيف ومحاولة إثارة ضجة سلبية حوله؟ الكثير لا يريد نجاح جنيف، واستخدمت وسائل عديدة لإقناع الجمهور بأن جنيف لا قيمة له، أولاً: الهجوم الذي بدأ على دمشق عشية بدء جنيف وخلال الأيام الأولى منه، ووسائل الإعلام الغربية والكثير من العربية، كانت تؤكد أن جنيف فشل وأن الكلمة الآن للميدان. مع أن الهدف من كل المعارك حول دمشق كان إفشال جنيف..

انظروا إلى وسائل الإعلام كيف كانت تغطي موضوع مصير دي ميستورا، حتى وصل الحد أن «يعينوه» في مكان آخر، وانطلقوا من واقعة أساسية، هي أن دمشق رفضت استقباله. وتبيَّن في النتيجة بعدها أن دي مستورا قد مُدِّد له.. أي أن كل هذا الدخان الإعلامي لم يكن يستهدف دي مستورا، وإنما جنيف كعملية سياسية لحل الأزمة السورية.

قرار جديد.. عصر جديد

إن جوهر جنيف استند عملياً في قيامه على القرار الدولي 2254. فماذا يعني 2254؟ إنه صناعة روسية - صينية، وروسيا والصين مسؤولتان عنه، وهو تعبير عن محاولة تغيير نمط العلاقات الدولية القائم بعد الحرب العالمية الثانية. لذلك، كنت أؤكد دائماً أن 2254 صُنع لكي ينفذ، لا ليوضع على الرف كالقرارات الأخرى التي تعودنا عليها من قبل الأمم المتحدة، وكان من الطبيعي أن توضع على الرف لأن القوى المهيمنة على السياسة العالمية في ذلك الحين هي القوى الغربية والأوروبية والأميركية، التي تريد الضحك على الشعوب، فتظهر لها شيئاً في قرارات الأمم المتحدة، وعندما يصدر القرار يضعونه على الرف. 

لكننا أمام قرار من نوع جديد، في عصر يتكون من جديد، وترتبط بهذا القرار عملياً مصداقية روسيا والصين، القوتان الصاعدتان اليوم على الحلبة الدولية، لذلك، لدينا قناعة بأن القرار سينفذ، لأنه تعبيرٌ عن الجديد القادم، ولا يوجد مجال آخر، فالقوى المهزومة عالمياً لا تريد تنفيذه، رغم أنها وافقت عليه، وكانت تعتقد أن مصيره يجب أن يكون كمصير القرارات الأخرى، لكن القرار يشق طريقه.

من 23 حتى 28: أيام العرقلة

مع بدء هذه الجولة من جنيف في 23 آذار، برزت مصاعب كانت كبرى، فوفد مجموعة الرياض عاد لعادته القديمة، ووضع الاشتراطات المسبقة كاشتراط الرحيل في بحث المرحلة الانتقالية، وقيل لهم من قبل الأمم المتحدة: إن هذا الشرط غير موجود في الوثائق الدولية، ولم يفهموا ذلك، وبدأت العرقلة. ووفد حكومة الجمهورية العربية السورية لم يساعد على إطلاق المفاوضات، لأن السيد بشار الجعفري كان يؤكد منذ انطلاق الجولة ألّا صلاحية له في بحث أي ملف، عدا ملف الإرهاب.. مع أننا في الجولة الرابعة متفقون على بحث السلال الأربع: السلة الأولى الحكم، والثانية الدستور، والثالثة الانتخابات، والرابعة الإرهاب، وكلها يجب أن تبحث بشكل متوازي.

استمر الوضع منذ 23 آذار حتى الـ28 منه، عندما وصل السيد غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، والتقى مع جميع الوفود. وعندما التقى معنا، قلنا له بصراحة: إن الجولة حتى ذلك الحين كانت لا تزال تراوح في المكان، حتى أن هنالك محاولات لشدنا إلى ما قبل الجولة الرابعة، وأن هنالك خطراً على الجولة الخامسة إذا لم يجرِ إنقاذها خلال ساعات. وقام الجانب الروسي مشكوراً بالجهود الضرورية، حيث إن وفد الحكومة السورية - وخلال أقل من 28 ساعةً- أبدى استعداده لبحث السلات جميعها، واجتمع مع دي مستورا في اليوم التالي..

أريد أن ألفت نظركم إلى أنه، وخلافاً للمرات الماضية، يبدو أن هنالك أمر عمليات بعزل وفدنا إعلامياً. حيث كان هنالك حصار إعلامي شديد من قبل الأكثرية الساحقة من المحطات العربية والغربية حول وفدنا. لماذا؟ أعتقد لأنهم استنتجوا بأنه في الجولة الماضية كان أداؤه جيداً جداً، وأثر على تناول الرأي العام العربي للأزمة السورية... لكن هذا لم يمنعنا من اختراق الحصار...

الكرة في ملعب الأمم المتحدة

في المجمل، يمكن القول أنه جرى هجوم شديد خلال الجولة الخامسة على نتائج الجولة الرابعة، وقد تم صدّ هذا الهجوم، والحفاظ على نتائج الجولة السابقة، والآن فإن المهمة في جنيف القادم أن يبدأ العمل الحقيقي في اللجان بشكل متوازٍ، حول المواضيع الأربعة المطروحة.

أعلن الجميع عن التزامه وموافقته، وهنا، فإن الكرة في ملعب الأمم المتحدة والسيد دي مستورا الذي تم التمديد له لنجاح المفاوضات السورية. يجب الذهاب إلى نقاش السلات الأربع بشكل متوازٍ. ونحن قدمنا اقتراحاً لتسهيل الأمور، إذا كان الوفد الواحد ليس مطلوباً فوراً، لأن المفاوضات ما زالت غير مباشرة..

كان يشتكي دي مستورا دائماً بأن هنالك أربعة وفود وأربع سلات، وإذا عملت بشكلٍ متوازٍ فيجب أن تحضر 16 مجموعة عمل، وبالتالي يلزمنا ستة عشر خبيراً لتوزيعهم على مجموعات العمل، ويلزمنا ستة عشر مترجم وإلخ.. فقلنا له: من الممكن أن نستخدم رسمة 4×2، أي أربع مجموعات عمل مع وفد الحكومة، وأربع مجموعات عمل مع المعارضة، فما الذي يمنع المعارضة أن تشارك مجتمعةً في مجموعات العمل، هذا يسهل العمل كثيراً، ونحن لسنا ضدّ، إذا قدرتم أن يجتمع الكل في مجموعة عمل واحدة تشمل وفد الحكومة ووفود المعارضة المختلفة. لكن، إذا كان هذا صعباً في المرحلة الأولى، لنجعل مجموعات العمل تضم وفود المعارضة كلها، وهذا سيسرع ويسهل الأمور ويختصر وقت النقاش إلى النصف تماماً.

«نتطلع إلى المستقبل بأمل»

اليوم، يحدث تحول كبير نتيجة استمرار جنيف، إذ أن هذا الاستمرار - الذي عليه ملاحظات كثيرة- قد خلق جواً هاماً، ودونه ما كان يمكن اليوم أن نرى الظواهر التالية: إعلان تركيا إيقاف وانتهاء عملية درع الفرات، فدون جنيف والعملية السياسية المستمرة ما كان ليتم. ثانياً: الإعلانات الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية، وعلى لسان وزيرة خارجيتها وممثلتها الدائمة بالأمم المتحدة ومسؤوليها المختلفين إعلان اقترابهم من الرؤية الروسية في تطبيق القرار 2254، حيث جرى تحول بصياغة الموقف الأميركي، من حيث ترتيب الأولويات... ثالثاً: حتى الاتحاد الأوربي خلال الأيام الماضية أصدر شيئاً يدل على أنه يسير في هذا الاتجاه، رابعاً: الخارجية الفرنسية أعلنت ما يشابه الموقف الأميركي، خامساً: ننظر بشكل إيجابي إلى التقارب الجاري بين إيران وقطر حول بعض الملفات السورية، ومحاولة المساهمة في حلها، سادساً: حتى السعودية تظهر ملامح تغير بموقفها، وقد انعكس ذلك بالدرجة الأولى في بيان القمة العربية الذي أكد على تنفيذ القرار 2254. لذلك، فإن الحديث عن فشل جنيف هو أمر مخالف للواقع، لأن استمرار جنيف قد غيَّر الواقع الدولي كلّه، والآن - لأول مرة- تجتمع العوامل والظروف جميعها، التي تسمح بإنجاح أكبر للجولة السادسة القادمة من جنيف.

نتطلع إلى المستقبل بأمل، ونحن متأكدون من أنه دون دور المعارضة السياسية السورية - التي تسمى «معتدلة» رغم أنها هي من يطالب بالتغيير الجذري الشامل بطرقٍ سلمية- لكان جنيف والقرار 2254 سيوضعان على الرف. إنّ وجود الدور الروسي الفاعل، والمعارضة السورية الوطنية التي تريد تنفيذ 2254، قد خلق الظروف جميعها كي يبقى هذا القرار موجوداً، ويفعل فعله على الأرض.

معلومات إضافية

العدد رقم:
805
آخر تعديل على السبت, 08 نيسان/أبريل 2017 18:58