جنيف خطوة الى الوراء.. خطوتان إلى الأمام

جنيف خطوة الى الوراء.. خطوتان إلى الأمام

إن جرداً اولياً، لنتائج جولة جنيف الراهنة، ورغم حالة الجمود والمراوحة في المكان، التي هيمنت على المشهد في الأيام الأولى، يؤكد على تقدم العملية خطوات أخرى إلى الأمام؛ وهو ما تجلى من خلال مناقشة كل السلال، وبمشاركة كل الأطراف، وإقرار بحث القضايا خلال الفترة الممتدة بين الجولات الرسمية، لتعميق البحث حول كل سلة من السلال الاربع، وبدء بحث القضايا الاشكالية، والشائكة بشكل ملموس، وكسر الحواجز؛ مما يعني الانتهاء نهائياً من الشروط المسبقة، والجدل في الأولويات، وهي التي طالما كانت عائقاً أمام تقدم العملية التفاوضية، بالإضافة إلى استعداد الجميع للعودة إلى جنيف لعقد جولة أخرى؛ أي أنه جرى العمل بجدول الأعمال المقر في الجولة السابقة من حيث الجوهر، واستناداً إلى القرار 2254 كما أكد المبعوث الدولي في مؤتمره الصحفي الختامي،  رغم كل محاولات الإعاقة، مما يؤكد مرة أخرى، بأنه بالإمكان إزاحة العقبات إذا توفرت النوايا والإرادة؛ وهنا يسجل للراعي الروسي مرة اخرى، متابعته المباشرة لعملية التفاوض،  ودوره الأهم في دفع العملية إلى الأمام، فليس سراً بأن المفاوضات حققت ما حققت، بعد وصول الفريق الدبلوماسي الروسي إلى جنيف. 

 

 

وفي هذا السياق، من الجدير بالذكر، بأنه آن الأوان للتخلي عن الاستعراض الإعلامي، الذي يمارسه هذا الوفد أو ذاك، تجاه مفاوضات جنيف عموماً، وتجاه هذه الجولة بشكل خاص، والذي يترك انطباعاً سلبياً تجاه عملية جنيف لدى الرأي العام، ويوهمه بعبثية التفاوض؛ فعدا عن أن ذلك يتناقض مع رغبة الأغلبية الساحقة من السوريين، فإنه يتناقض مع واقع الحال؛ والتقدم النسبي الذي يحصل على مسار الحل السياسي، منذ الجولة السابقة، والذي سيرتد سلباً في حال استمراره على كل من يمارس التشويش والتشويه على هذا التقدم، كونه بات خياراً ثابتاً، يعكس محصلة توازن القوى الدولي، والإقليمي، الذي حسم الخيارات باتجاه الحل السياسي.

لاشك أنه كان من الواجب والممكن تحقيق تقدم أكبر، ولكن ما تم تحقيقه، ليس قليلاً، وينبغي عدم تشويهه، والتقليل من شأنه، لاسيما وأن الجدل يعود مجدداً حول مدى تمثيل القوى المتفاوضة في جنيف للشعب السوري، فإحدى أهم مهمات جنيف تكمن، في فسح المجال له، حتى يقرر مصيره بنفسه، بما فيها اختيار القوى السياسية التي تعبر عن مصالحه الوطنية والاقتصادية – الاجتماعية، والسياسية، وبالتالي لا يحق لأحد احتكار هذا التمثيل، والادعاء بأنه الطرف الوحيد المعبر عنه، لا في النظام، ولا المعارضة.

إن الشرط الأساسي لتمثيل الشعب السوري، هو التعبير عن مصالح، ورغبات، ومزاج الرأي العام السوري، موالاة، ومعارضة، والذي يعبر عنه السوريون بأشكال مختلفة في ظروف اليوم، والمتجسدة بالدرجة الأولى بضرورة الإسراع بالحل السياسي، وبالتالي، فإن المعيار الأساسي لتمثيل الشعب السوري، هو العمل الجدي من أجل الحل السياسي، وإزاحة العقبات من طريقه؛ وبمعنى آخر، فإن شرط التمثيل لا يعبر عنه بالقوى العسكرية في الميدان، ولا بالاعتماد على الشرعية المستمدة من النفوذ الإقليمي والدولي، بل بالامتثال إلى إرادة السوريين في الوصول إلى حل ناجز.

معلومات إضافية

العدد رقم:
804