الفاسدون ألغام موقوتة
عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

الفاسدون ألغام موقوتة

الفساد ولا سيما الكبير منه الذي استشرى في مختلف مفاصل الدولة هو الوليد الشرعي لسياسة كبت الحريات التي فرضها قانون الطوارئ، لأنه شل الدستور والقوانين المرعية، وجعل أجهزة الأمن تتمتع بحق التضييق على من تريد.

نصف قرن عاناه الشعب السوري تحت نير قانون الطوارئ منذ 9/3/1963، حيث تقيدت حرية المواطن ومنع من الاجتماع، وفقد حقه في مراقبة ومحاسبة السلبيات، وأوكل أمر جميع الانتخابات إلى الأجهزة الأمنية، وتقلص الإعلام في عدد قليل من الصحف، ثم جاءت المادة الثامنة من الدستور القديم لتنسج على المنوال نفسه فحصرت قيادة الدولة والمجتمع بحزب البعث العربي الاشتراكي فقط.

لقد سال نهر العسل بين أيدي المسؤولين، فتشكلت طبقة بورجوازية بيرقراطية جديدة من نهب القطاع العام  وخزينة الدولة، انسلخت عن طبقتها الوسطى، وانتقلت إلى أوساط الأثرياء وارتقت السلم الاجتماعي سريعاً، سرعان ما توحدت مصالحها مع مصالح البرجوازية الطفيلية، فارتدت عن الشعارات التقدمية التي نادت بها سابقاً، وانقضت على المكتسبات العمالية والفلاحية والشعبية وعلى اقتصاد البلد، إلى درجة أنها من أجل تجميل الاقتصاد الليبرالي، استحدثت بدعة اقتصاد السوق الاجتماعي، أي أنه جرى جمع نقيضين متصارعين في عبارة واحدة، كأن يقال، «السلب الحلال أو الدعارة الفاضلة»، ضاربين عرض الحائط بأحد بنود المادة 13 من الدستور التي تنص على أن اقتصاد البلد اشتراكي.

شعار محاربة الفساد طرح في الصحافة وعلى لسان المسؤولين منذ سنوات، لكنه لم يطل الكبار الأمر الذي يدل على أنهم معششون بقوة نفوذهم في أجهزة الدولة.. وعليهم يقع القسط الأكبر من مسؤولية مواجهة الحراك الشعبي السلمي المشروع بالحل الأمني، وكذلك يتحملون مع المتشددين من المعارضة المسلحة مسؤولية إيصال الأمور إلى المواجهة المسلحة.

إن خطرهم على النظام وعلى التغيير المرتقب، لا يقل عن خطر المسلحين المأجورين. إنهم ألغام موقوتة في قلب النظام، وليس ثمة ما هو أخطر من أن يتفاهم ويتفق الطرفان الخطران لتنفيذ مخطط تقسيم سورية بهدف ضرب التغيير المنشود الذي من شأنه أن يدينهم ويجرمهم، ويستعيد منهم ما نهبوه.

إن الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، تستدعي بالضرورة القصوى والمستعجلة استئصال آفة الفاسدين داخل النظام وخارجه من أجل:

شل دور الفاسدين التخريبي.

للوصول إلى طاولة الحوار الوطني العام الذي من شأنه أن يحل أزمة البلاد.

لرفد خزينة الدولة بالأموال التي سلبوها، لتتمكن من التعويض للمتضررين وإعادة بناء ما خربته الحرب العبثية.

آخر تعديل على الثلاثاء, 08 نيسان/أبريل 2014 23:35