عمال سيرونيكس: المعمل انتماؤهم (عمر بالشغل.. وراتب بيخزي)!
هاشم اليعقوبي هاشم اليعقوبي

عمال سيرونيكس: المعمل انتماؤهم (عمر بالشغل.. وراتب بيخزي)!

يتلمس الزائر لشركة (سيرونكس) مشاعر الفخر لدى العاملين, باسم شركتهم العريق وعمرها الطويل, لتمتزج تلك المشاعر بشيء من الخيبة، من الحصيلة الزهيدة لتعب السنين، فالمفارقة مرّة بين خدمة 28 عاماً في معمل تعطيه ويعطيك يومياً، وراتب نهاية الشهر 24 ألف.. كما (أبو علي) عامل سيرونيكس الستيني على خط إنتاج الملوّن..

استمر العاملون في شركة سيرونكس بالعمل طوال سنين الأزمة وفق الظروف المهيأة والإمكانات المتوفرة, رغم وقوع الشركة على خطوط المواجهة العسكرية في منطقة (القابون), وتعرضها لأضرار وتهديدات كثيرة.

ثروة الشركة ... عمالها

الملاحظ في الشركة اليوم ذلك النشاط الواضح من قبل العاملين والإدارة لرفع وتيرة الإنتاج وإيجاد الحلول المناسبة لإزاحة المعيقات, يتفاءل العاملون بالإدارة الجديدة (الحالية) وبأنها قامت حتى الآن بخطوات أولية ناجحة يمكن الاستناد عليها لعبور مراحل جديدة, وهذه الرؤية العمالية قابلها رأي الإدارة بأن كوادر سيرونيكس هم ثروتها الأساسية، ودعامتها للاستمرار.

نقص العمالة الشابة

بلغ عدد عمال الشركة قبل تفجر الأزمة 600 عامل وعاملة تقريباً ويعمل حالياً في الشركة 450 مما يعني خسارة الشركة لـ 150 عاملا بعضهم استقال وآخرون نقلوا والباقي ندبوا لشركات أخرى. ويتوزع العاملون الموجودون على أقسام الشركة المنتجة منها والإدارية كافة واللافت بالأمر أن العمال والعاملات أنفسهم يطالبون بالعمالة الشابة حيث يمكن ملاحظة ارتفاع متوسط الأعمار وراء خطوط الإنتاج، فقد حدثنا أحد عمال قسم البلاستيك بأنه نقل لهذا القسم كي يسد النقص الحاصل وراء الآلات جراء سفر ثلاثة عمال شباب.

الحكومة تعرف «الراتب وغطاه»!

تحدث لنا العاملون عن مجمل مطالبهم, وقد صنفوها أولياً بين مطالب من الحكومة وأخرى من الإدارة, وتبرز قضية الأجور الشحيحة كقضية أساسية بالنسبة للعاملين, حيث عبروا بمختلف العبارات والأمثلة كيف أنهم وصلوا لحالة العجز التام عن تأمين أدنى حاجاتهم الضرورية, فقال أحد العمال مستهزئا بسخط (هاد راتب هاد والله العظيم مسخرة هل كم ألف ما بعيشونا بكرامة أبداً) في حين قالت إحدى العاملات معبرة عن الفرق الشاسع بين الأجور والأسعار (صرنا محرومين من كلشي الله وكيلك راتبي كلو عم يروح آجار بيت ما حدا عم يرحمنا) وأضافت (لو المسؤولين بدهم وضعنا يتحسن كانوا حسنوه بس صدقني ما بدهم).

العمال سمعوا بالحسابات الاقتصادية لتقدير تكاليف معيشة الأسرة السورية بأنها بلغت 172 ألف، وجددنا معلوماتهم بأن هذه التكلفة أصبحت 220 ألف في دمشق، مع ارتفاع الأسعار في شهري آذار ونيسان.

وجبة غذائية تشتري (بسكوته)!

في استعراض مطالبهم من الحكومة أكد العاملون على عدم وجود إجراءات حكومية تدعم عمال القطاع العام وخاصة خلال سنين الأزمة، رغم إمكانية ذلك فسألوا عن عدم توفيرها سكن بديل للعمال المهجرين، أو تعويضهم نقدياً بدل أن تتركهم تحت رحمة سماسرة البيوت، فقد قال لنا أحد العمال (كانوا يعمرولنا كم بلوكة تحت هالشجرات مو أحسن ما ندفع 30 ألف أجرة غرفة وصالون؟!)

وركزت مطالب أخرى على ضرورة تعديل قيمة الوجبة الغذائية التي تقدم للعمال فهي لا تكفي لشراء (بسكوته) من النوع الرديء وفضل أغلب العمال على أخذها بشكل عيني (بيضتين وقنينة حليب) بدل النقدي.

وحضر مطلب وضع بعض الأعمال على جدول الأعمال الخطرة وخاصة قسم البلاستيك، كي يتمكن العمال من تقاضي طبيعة العمل وكذلك طالبوا بفتح سقف الأجور وبتعديل وضع من حاز على شهادة جديدة خلال فترة عمله.

ماذا يريد العمال من الإدارة؟

تصدرت مشكلة النقل قائمة الطلبات العمالية من الإدارة رغم تسيير باصين صغيرين إلا أنهما غير كافيين ولا يمكن لهما أن يقلا العمال جميعهم ناهيك على ازدحامهما بشكل كبير وعدم قدرتهما على تغطية  مناطق سكن العاملين جميعها، فإحدى العاملات تدفع من راتب 30 ألف: 7000 ليرة شهرياً لتصل إلى منزلها في عرطوز في ريف دمشق!.. وكذلك طالبوا بزيادة الحوافز قدر المستطاع, وهي المرتبطة بتأمين جبهات عمل وهي مسؤولية الحكومة والإدارة، فيما طالب الإداريون بمعالجة مشكلة تعطل دورات المياه وضرورة البدء بحملة لمكافحة القوارض والحشرات خاصة مع اشتداد فصل الصيف.

وفروا 49 مليون.. وحصلوا على مكافآت 5000!

تعرض معمل الستيربور في سيرونيكس إلى حريق في عام 2013، وأشارت التقديرات في ذلك الحين إلى أن إعادة تشغيله كانت تحتاج إلى 50 مليون ليرة في ذلك الحين، شكلت الشركة جبهة عمل، استطاعت أن تعيد نسبة 50-60% من الطاقة الإنتاجية إلى العمل، وبتكلفة حوالي مليون ليرة، بينما حصل العمال على مكافآت بمقدار 5-6 آلاف ليرة!

 

على «بساط أحمدي»..

حاولنا الولوج للحياة الاجتماعية للعاملين في الشركة وسألناهم تلك الأسئلة البسيطة والتي يمكن لها أن تعكس حالتهم الاجتماعية والمعيشية, وهذا بعض مما وصفوا فيه أوضاعهم:

«الشتوية الماضية, لا مازوت ولا شي, تدفينا عالكهربا إذا موجودة وبالبطانيات بس تنقطع, دوبنا قدرنا نأمن أجرة البيت والأكلات» 

«مونة شو!.. ابني هَيْ المونة انساها عم نعيش كل يوم بيومه، بتصدق عم نشتري 3 بيضات بـ 100، وعندي ولد تاسع مسجلته بدورات للامتحان كلفتني 11 ألف، أما البنت اللي بالسادس أنا عم درسها».

«لسا ما اتزوجت بس الشهر الجاية انشالله، وطبعا لح ابقى اشتغل، أنا وخطيبي متفقين نتساعد يعني راتبي وراتبه بدبرونا، أصلا إذا ما بعمل هيك.. بحياتي مالح اتجوز!»

«والله يا ابني عايشين عالحفة، عندي ولد عسكري إلزامي، والتاني مسافر وعندي صبيتين بالمدرسة وأمهم، ولولا أخي المهاجر ما يبعت حوالات كنا شحدنا من زمان!..»

«أسعار نار.. فطور حطة شيلة عم يكلف ألف ليرة؟! أي المهم تنحل بس أحسن الشي تنحل سلمية لأنو حاجتنا دم خسرنا شباب كتير وتبهدلنا كتير».       

«أول الشي وأهم شي نخلص من الفساد، والله سرقوا البلد هيك اكتبها بجريدتكم: عم يسرقوا البلد»..

 «أنا صوفتي حمرا ما بدي احكي مو ناقصني.. بس لازم يطلعولنا هالمعتقلين بقا, يلي أخدوه من أول الأزمة وما رجع، يا أما يطالعوه، يا إما يقدموه للمحاكمة، يا إما يخبرونا وينو!.. الله يوفقك لا تكتب اسمي ..