عباد الشمس:أثر اللبرلة.. يساوي أثر الحرب

كثرت التصريحات الحكومية في بداية الأزمة مؤكدة على إمكانية تجاوز العقوبات وتغنت بالأبواب المفتوحة عبر الدول الصديقة، إلا أن (طاقات الفرج) لم تكن إلا أصداء إعلامية، حيث اقتصر الأمر على الوقود والمواد الغذائية، وعبر وسطاء وبأسعار مرتفعة، ومن إيران فقط.

أما في الجانب الإنتاجي، فإن المعامل السورية العامة لم تنل شيئاً من مساعي الحكومة لإدارة الأزمة والعقوبات. سيرونيكس كانت من بين الأسماء التي تكرر ذكرها في الزيارات الاقتصادية بأعلى المستويات إلى الدول الصديقة، إلا أن هذا لم يثمر عن حل مشكلتها في استمرارية الشحنات أو خطوط إنتاج جديدة.

تضطر سيرونيكس وغيرها اليوم لتحتسب الجدوى الاقتصادية، إذا ما أردات أن تنتج منظماً كهربائياً، تمتلك القدرة على إنتاجه، ولكن عليها أن تفكر بالعائد السوقي المباشر، ما قد يوقف هذه الخطوة، بينما الفترة اللاحقة ستفتح سوقاً كبيرة للشركات الصناعية المجهزة والتي تمتلك أسرع قدرة على الإنتاج، ما قد يحقق عوائد للشركة وللصناعة العامة تفوق الحسابات الضيقة للحظة الحالية.

فلماذا لا تستطيع سيرونيكس أن توسع نشاطها بغض النظر عن منطق العائد المباشر؟

لأن السياسة الاقتصادية العامة خلال الأزمة، بل وقبلها قائمة على التقشف في الإنفاق الاستثماري العام. منذ منتصف التسعينيات توقفت عمليات تعيين العمال في الشركات الصناعية العامة، ومنها سيرونيكس وأتى آخر خط إنتاجي جديد للمعمل في التسعينيات أيضاً، ثم بدأت سياسات تحرير الأسواق تدريجياً، لتدخل الشركات العامة في المنافسة مجردة من توسع الإنفاق الاستثماري، ومن الصلاحيات والمرونة في عمليات شراء المستلزمات، وتسويق المنتجات. إن هذه السياسات خسرت سيرونيكس نسبة من كميات إنتاجها خلال الفترة بين عام 2000-2011 تعادل النسبة التي خسرتها الشركة من كميات إنتاجها خلال أربع سنوت من الحرب والعقوبات! أي أثر السياسة الليبرالية يعادل أثر الحرب والعقوبات..

تمتلك الشركة القدرات لتنهض بصناعات إلكترونية هامة، وتستطيع بدعمها بالمال العام الذي أنتجت جزءاً هاماً منه طوال عمرها الإنتاجي الطويل، أن تعيد رفد الإنتاج بسلع مضمونة وأساسية للمرحلة القادمة، تحافظ على دور ريادي للدولة في عملية إعادة الإعمار.. إلا أن هذه الإمكانية مرهونة بواضعي السياسات، والمشرفين على توزيع المال العام، وهؤلاء ارتأوا أن سيرونيكس وغيرها من المنشآت العامة عليها أن تنتظر التمويل عبر التشاركية!