العلاقات التركية-الغربية... و«أبغض الحلال!»

العلاقات التركية-الغربية... و«أبغض الحلال!»

تحول الخلاف بين تركيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي من جهة ثانية إلى عملية دائمة، يمكن تشبيهها بـ«الطلاق» الذي سيترتب عليه إعادة تنظيم العلاقة بين الطرفين، والنظر مجدداً بكل التموضعات السابقة، و«الاتفاق» على آليات فرط عقد الشراكة الإستراتيجية السابقة بينهما

وفي هذا السياق، يجري حراك سياسي وعسكري متصاعد في عدة ملفات؛ أبرزها النتائج المترتبة على نشر منظومة إس-400 الروسية في تركيا، وردود فعل واشنطن عليها. والأزمة مع الاتحاد الأوربي واليونان وقبرص في الجرف القاري الشرقي للبحر المتوسط حول مسألة التنقيب عن الغاز والنفط. إضافة إلى تعثّر الحوار مع واشنطن في منطقة شرقي الفرات..

ذرائع واشنطن

مع بداية عملية تنصيب صواريخ «إس- 400» الروسية في تركيا، افتتحت واشنطن «المشارعة» حول الخطوة وما يمكن أن يترتب عليها؛ ففي حين يواصل ترامب إلقاء اللوم على سلفه أوباما بمسألة دفع تركيا إلى أحضان روسيا، بعد حرمانه إياها من منظومة باتريوت في فترة ولايته، أعلنت واشنطن أنها لن تبيع تركيا مقاتلات «إف- 35»، ولن تسمح لها بالمشاركة في برنامج تطوير هذه الطائرات. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام: إنه لا يمكن أن تكون طائرات «إف- 35» موجودة في مكان واحد مع منصة روسية لجمع المعلومات الاستخبارية التي ستُستخدَم للتعرّف إلى قدرات الطائرة. كذلك، أعلن البنتاغون أن «الولايات المتحدة وشركاءها في برنامج الطائرة إف- 35 متفقون فيما بينهم بشأن قرار تعليق مشاركة تركيا في تصنيع الطائرة واستبعادها رسمياً من هذه العملية».

أسباب أخرى

يرى عسكريون أتراك أن الذرائع التي تسوقها واشنطن لاتخاذ خطواتها التصعيدية ضد بلادهم لا تنطلي حتى على الأغرار؛ يقول نائب رئيس الأركان العامة التركية السابق إرغين سايغن أن «موسكو لديها أسرار المقاتلة إف- 35 منذ وقت طويل»، وأن واشنطن تقول هذا الكلام لأنها «مهتمة فقط بتعزيز قوة إسرائيل والسيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة»، وأن الدول التي «تعادي إسرائيل» يجري إبعادها. ويلفت سايغن إلى أن عدم رضا واشنطن سببه «سياسة تركيا الخارجية المستقلة»، وأن ثمن إعادة العلاقات لسابقها مع واشنطن سيكون: «قطع العلاقات مع إيران، ومنع تركيا من التنقيب عن الغاز والنفط شرقي المتوسط، والموافقة على تأسيس دولة كردية شمال سورية».

البدائل عسكرياً

في البعد العسكري للمسألة، تنبغي الإشارة الى أن المنظومة إس- 400 تمتلك المقدرة على التصدي لطيران الجيل إف- 35، الأمر الذي يعد أحد أسباب رسوخ قرار واشنطن باستبعاد تركيا نهائياً من الحلف الغربي، وصولاً إلى إمكانية طرح مسألة التصويت لإخراجها من حلف «الناتو». الأمر الذي يستدعي قبل ذلك التحضير لموازين جديدة يكون لـ«إسرائيل» فيها دورٌ محوري، بحسب المنظور الأمريكي.
كذلك تتوقع الأوساط الدبلوماسية في أنقرة أن تبدأ مباحثات مباشرة مع موسكو، فوراً، لشراء طائرات «سو- 57»، وهو ما سيشكّل انتصاراً للدبلوماسية الروسية في تطوير العلاقة مع تركيا.

«التفوق الجوي»

تصرّ أنقرة على لسان مسؤوليها أن واشنطن تسعى الى حرمان تركيا من طائرة إف-35 لضمان التفوق الجوي لـ«إسرائيل» في المنطقة، في سياق ردّها على دخول منظومة إس-400 إلى الأراضي التركية. الأمر الذي من شأنه بناء ميزان عسكري جديد في المنطقة، مرفوقاً ببناء حلف سياسي معادٍ لتركيا في جنوبها وغربها، مكوّن من «إسرائيل» وقبرص ومصر واليونان، بنكهة عسكرية، نظراً للتنسيق العسكري بين قبرص و«إسرائيل» وإجرائهما مناورات حربية مشتركة قبالة السواحل الجنوبية التركية.

التحالف الغازي

تجدّدت أزمة التنقيب عن الغاز والنفط في منطقة شرقي البحر المتوسط. التداخل المعقّد بالمناطق بين المياه الإقليمية لكل من تركيا وقبرص ومصر واليونان والكيان الصهيوني أصبح مادة خصبة لبناء الخلافات في شرقي المتوسط؛ فبعد أن أرسلت تركيا سفنها للتنقيب بالقرب من سواحل جمهورية شمال قبرص (التركية)، وبموافقة حكومتها، بحسب ما يشير دائماً الخطاب الرسمي التركي، جاء الرد من الاتحاد الأوربي الذي علّق جميع الزيارات واللقاءات مع المسؤولين الأتراك، كذلك جمّد المساعدات المالية المقرّرة لتركيا في ردّ فعل على «استفزازاتها ضد قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي». توازياً مع إلغاء واشنطن قراراً سابقاً بحظر مبيعات الأسلحة لقبرص اليونانية.
وبحسب الساسة الأتراك، يجري تفعيل التنسيق المشترك بين كل من الكيان الصهيوني ومصر وقبرص اليونانية واليونان ليس فقط لمنع تركيا من التنقيب شرقي المتوسط، بل وصولاً إلى تحالفات عسكرية سياسية في مواجهة تركيا...

شرقي الفرات: لا حلول!

لا تزال واشنطن تبقي على حالة الاستعصاء قائمة في سياق مباحثاتها مع أنقرة فيما يتصل بالملف السوري، وبالأخص منطقة شرقي الفرات.
آخر تلك المباحثات كان اللقاء الذي جمع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع المبعوث الأمريكي إلى سورية جيمس جفري الأسبوع الفائت، والذي لم يسفر عن جديد حول موضوع إنشاء «منطقة آمنة» شرق الفرات.
وصرح أكار: «أبلغنا الوفد الأمريكي بآرائنا ومقترحاتنا كلها وننتظر منهم دراستها والرد بشكل فوري، وأكدنا لهم مرة أخرى بأنه لا طاقة لنا على أي تأخير، وسنستخدم مبادرتنا إذا لزم الأمر». وذلك في إشارة إلى رغبة أنقرة التدخل عسكرياً في سوريا بهدف العزل بين شماليّ سورية والعراق (وهي مناطق تشهد تواجداً عسكرياً أمريكياً) للحد من تحركات القوات الكردية شمالي سورية، بحسب المسؤولين الأتراك.
تزامن ذلك مع تحمية جبهة الصراع بين أنقرة والمسلحين الأكراد، إثر اغتيال دبلوماسيين أتراك في أربيل، شمالي العراق، ورد أنقرة على ذلك بقصف مواقع في جبال قنديل في العراق، التي تتحصن فيها قيادات حزب العمال الكردستاني.

معلومات إضافية

العدد رقم:
924
آخر تعديل على الأربعاء, 31 تموز/يوليو 2019 14:26