احتمالات حرب صهيونية على سورية ولبنان وغزة قبل آخر السنة... هل اتخذت إسرائيل والولايات المتحدة قرارا بالحسم الاستراتيجي؟!

في 20 آب  الفائت, وبعد ستة أيام على وقف النار في لبنان استقبلت قاعدة ناعور إلى الشرق من العفولة، وهي أكبر قاعدة للقوات البرية في «إسرائيل», وحدات إضافية وتعزيزات قوامها مئة وخمسون دبابة «ميركافا» ومائتا آلية قتالية ومائة مدفع «هاوتزر» ذاتي الحركة, إلى جانب استيعابها للواءي مدرعات وكتيبة من المظليين والقوات الخاصة وتشكيل مدفعي ثقيل. هذه التعزيزات جاءت في نطاق استعدادات إسرائيلية فعلية لخوض جولة جديدة من الحرب, وفي نطاق حملة استنفار شاملة شملت مجموعة قواعد عسكرية دفعة واحدة,

علماً أن حجم القوات الموجودة بصورة مستمرة في قاعدة ناعور عبارة عن لواء دروع ولواء مشاة آلي, بالإضافة إلى الوحدات الخاصة من المظليين وجولاني وجفعاتي وفرسان الجو, أي الوحدات المحمولة جواً. والقاعدة تضم أيضاً ما بين 15 إلى 20 طائرة هليكوبتر لنقل الجنود وطائرات مزودة بصواريخ مضادة للدروع تتوافر لها مهابط تحت الأرض.
في الوقت نفسه كانت قاعدة عاموس العسكرية التي تقع إلى جنوب مدينة العفولة، والتي تحتوي على قوات مدرعة وهندسية ومدفعية ومشاة آلي بدأت بإجراء سلسلة من التدريبات العسكرية بناء على تعليمات من رئاسة الأركان والقيادة العسكرية الشمالية, وهذه التدريبات بطبيعتها اقرب إلى عمليات قتالية حقيقية بهدف تنشيط الوحدات توطئة لخوض معارك ميدانية لتلافي الخطأ الذي حدث في حرب لبنان الأخيرة والذي تمثل بزج قوات غير مدربة مسبقاً بالذخيرة لخوض غمار المعارك في الجنوب اللبناني.
قاعدة الياجور إلى الشرق من حيفا التي تعد من القواعد العسكرية الرئيسية ومن القواعد الخلفية لحشد القوات استقبلت بدورها ثلاثة ألوية تابعة لقوات الميدان, وهي خاضعة لإمرة القيادة الشمالية, حيث تعد وتدرب قبيل انطلاقها في عمليات عسكرية واسعة، أما على الجبهة اللبنانية أو السورية, بالإضافة إلى أنها تعتبر أحد الأضلاع الرئيسية في المنظومة العسكرية التي يجري تدريبها وتأهيلها واختبارها بالنار الصديقة قبل دفعها إلى ساحات القتال.

وكشفت مصادر عسكرية إسرائيلية أن القوات التي يجري إعدادها بتدريب مكثف وحشدها قرب الحدود اللبنانية والسورية, سوف تنطلق على ثلاثة محاور, تساندها القواعد الجوية المحصنة ضد صواريخ «حزب الله» والصواريخ السورية, والمقصود رامات ديفيد ونتانيا وهرتسيليا وعين شمر وسيدي دوف بالقرب من تل أبيب, التي تضم نصف القوة الإسرائيلية الجوية, أي 10 إلى 15 سرباً من طائرات «اف 16» يتراوح عدد مقاتلاتها بين 225 و250 مقاتلة, تساندها 125 مروحية وطائرات بلا طيار. المحور الأول هو المحور السوري وسوف تهاجمه وحدات من قاعدتي ناعور وعاموس التي تحتشد فيها المدرعات المشاة الأولى والوحدات الخاصة المحور الثاني هو جنوب لبنان الذي أعدت له وحدات من قاعدة الياجور وساحل الكرمل والوحدات المتمركزة بين حيفا وعكا, وهي قوات معدة للانتشار في القطاع الغربي كما في القطاع الأوسط والعرقوب. أما الهجمة الثالثة فسوف تنطلق من منطقة البيسان قاعدتا جدعون والحميدية في اتجاه جسر بنات يعقوب والحمة, في محاولة التوغل في العمق السوري. وتؤكد مصادر عسكرية مطلعة أن حجم القوات المدرعة المخصصة للجبهة السورية عبارة عن 1500 دبابة, وأن عدد الدبابات المخصصة للبنان 700 دبابة, بالإضافة إلى ألفي آلية مدرعة لنقل المشاة إلى الجبهتين, و6 كتائب مظليين ووحدات خاصة من ألوية النخبة.
الجولة الجديدة من الحرب, يقول التقرير, سوف تبدأ في غضون ثلاثة أشهر على أبعد تقدير, أي قبل نهاية العام الحالي, وهي تعبر عن قرار عسكري وسياسي معاً بقلب المعادلة الاستراتيجية التي أسفرت عنها «حرب تموز», واستعادة المبادرة على قاعدة إجماع إسرائيلي بعدم التسليم بالنتائج التي آلت إليها المواجهة الأخيرة مع «حزب الله». في هذا السياق يكشف التقرير أن هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي ناقشت في اجتماع عقدته يوم 27 آب أغسطس الفائت, في حضور رئيس الأركان وقادة الأسلحة والمناطق العسكرية ورئيس شعبة الحشد وقائد الجبهة الداخلية, الوضع العسكري من مختلف جوانبه، في ضوء الثغرات الكبرى التي كشفت عنها الحرب, واتخذت قرارات عدة منها:

1 - ضرورة إعداد قوات الميدان وتدريبها على ظروف حرب حقيقية لتكون جاهزة للاندفاع إلى ساحة القتال داخل الأراضي اللبنانية والسورية.
2 - تلقين الوحدات العسكرية المشتركة في التدريبات والدروس المستخلصة من المعارك البرية التي دارت على مدى أكثر من شهر وكذلك دروس الحرب الجوية والبحرية.
3 - إعداد الجبهة الداخلية في الشمال والوسط والجنوب لمواجهة ظروف الحرب عن طريق تفعيل مجهودات قيادة المؤخرة من اجل إعداد الملاجئ والمخابئ وإنشاء المزيد منها بسبب وجود مخاطر من تعرض جميع المناطق في الداخل الإسرائيلي لضربات صاروخية من جانب سوريا.

وقد تحدث في الاجتماع قائد سلاح الجو الإسرائيلي حاييم شكيدي مشددا على أن قوات الميدان هي التي يجب أن تحسم الحرب وأن القوات الجوية ستتولى مهمة تمهيد الطريق أمام هذه القوات كي تندفع في العمق ثم تقديم المساندة لها. أما رئيس الأركان العامة دان حالوتس فتحدث باقتضاب قائلاً: «علينا أن نغير المعادلة, ونعيد رسم المشهد وان ننطلق من قاعدة أنه إذا أردت أن تجهز على الأفعى فلا بد أن تطرق بقوة رأسها، والرأس هنا هي سورية، والذيل هو حزب الله. وانتهى حالوتس إلى القول إن المعركة الحاسمة ستدور مع سورية بينما المعركة مع «حزب الله?» ستكون جزئية.
في الوقت نفسه نقل عن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي إيهود أولمرت والذي لا يزال تحت تأثير الصدمة, أن خوض جولة جديدة يعد مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى مستقبله السياسي وانه لن يسلم بإقصائه عن الساحة السياسية في إسرائيل بالسهولة التي يتحدث عنه البعض. ولدى اجتماعه مع قيادات حزب «كاديما» حذر أولمرت من أنه إذا لم تتخذ الحكومة قرارا حاسما بشن حرب حاسمة، فإن الحزب سيتعرض لحالة تفكك وغالبية الأعضاء الذين يمثلونه في الكنيست قد ينسحبون وينضمون إلى حزب الليكود وحزب «إسرائيل بيتنا» مما يعني انهيار كاديما نهائياً. وأكد أولمرت أن حسم النزاع مع حزب الله وسورية التي تدعمه لم يعد ضرورة إسرائيلية فقط بل كذلك بالنسبة إلى قوى دولية وإقليمية, ومضى قائلاً: إن الولايات المتحدة لا تحتمل النتائج التي أسفرت عنها الحرب الأخيرة وهي عاقدة العزم على تغيير النتائج رأسا على عقب», مضيفاً أن دولا عربية أبدت أيضا قلقها من استمرار الوضع الحالي مبدية دعمها لإجراء إسرائيلي منفرد أو مدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إلى حد المشاركة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
282