تحول الشيوعي الفرنسي: الخط الأخير لليمين؟ هل نتوقع أن تصدر قواعد الحزب الشيوعي الفرنسي «قاسيون» الخاصة بهم قريباً؟

أكدت مقررات المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي ليومي 21 و22 تشرين الأول بشكلٍ كامل المخاوف التي جرى التعبير عنها في المؤتمر الأخير حول الترشيح للانتخابات الرئاسية. هل ينبغي أم لا طرح ترشيحٍ شيوعي للانتخابات الرئاسية؟ كان هذا السؤال أكثر الأسئلة التي جرى نقاشها في العام 2005 وأدى إلى التصويت الأكثر انقساماً حول الإستراتيجية للعام 2007.

 قيادة تناقض قراراتها
جرى التصويت على وثيقة المؤتمر وهو يلزم بالتالي القيادة المنتخبة التي أكدت "أنّ ترشيحاً شيوعياً للانتخابات الرئاسية سيكون أكثر فاعليةً لحمل هذه الوحدة مع الشهادة على تنوعها وعلى ترسخها الشعبي..." وأكّدت "أنّ المنتمين إلى الحزب الشيوعي سوف يقررون من جانبهم، وفق أوضاع حزبهم وترشيحاتهم للانتخابات الرئاسية والتشريعية". وهكذا، اعتبر العديد من المناضلين أنّ إستراتيجية التجمع المناهض لليبرالية هو أفضل وسيلة للوصول إلى هذا الترشيح الشيوعي الأكثر فاعليةً... وهذا يؤكد بطبيعة الحال ضرورة وجود الحزب الشيوعي وتعزيز قوته. كم مرةً سمعت في لجنة مقاطعة نهر الرون "بلى، سيكون هنالك ترشيح شيوعي!"
صحيحٌ أنّ العديد من المداخلات كانت أقل وضوحاً، وذكرت قراراً تحدده قوىً مناهضة لليبرالية من أجل ترشيحٍ لا يكون شيوعياً بالضرورة. وهكذا لم يذكر التقرير المقدم إلى المؤتمر "ترشيحاً شيوعياً"، بل أكد "أنه سيتوجب علينا النقاش حول طبيعة بناءٍ مع جميع النساء والرجال والقوى التي ستكون قد اختارت التجمع لتحمل معاً مثل هذا المشروع، المناهض لليبرالية الهادف إلى إجراء تحول اجتماعي، إلى الاقتراع العام"
 قيادة تكذب على قواعدها
إذا كانت القيادة قد رفضت بكل هذه الحيوية أن تؤكّد بوضوح أنه لن يكون هنالك ترشيح للحزب الشيوعي الفرنسي في الانتخابات الرئاسية، مطمئنةً في الوقت نفسه الشيوعيين بتأكيدها على أنّ هذا الترشيح الشيوعي هو "الأكثر فاعليةً"، فلأنّ فرضية قيام التجمع بخيارٍ آخر لم تكن مستبعدة، بل هنالك ما هو أشد خطراً، وهو أنّ الأمر لا يتعلق بالحزب الشيوعي وحده، وأنّ الترشيح ربما لا يكون ترشيحاً شيوعياً.
وهذا ما أكده دون مفاجأة المؤتمر الوطني. لن يكون هنالك ترشيح شيوعي، وعلى المناضلين الآن أن يأملوا في أن تختار الهيئات المناهضة لليبرالية ترشيح ماري جورج بوفيه. هم يستطيعون بكل تأكيد أن ينتخبوا، لكن ليقولوا ماذا؟ من أجل أي خيار؟ رفض قرار الهيئات التي أنشؤوها بأنفسهم معظم الأحيان؟
إذن، فالقرار الذي اتخذه المؤتمر الوطني يتجاهل تماماً وثائق المؤتمر ولا يستبقي إلا مداخلات القيادة ويقترح على الشيوعيين أن ينتخبوا "من بين الشخصيات المتوافرة... لتحمل عبء مهمة المرشح أو المرشحة للانتخابات الرئاسية"، أي باختصار أن يختاروا إجمالاً بين جوزيه بوفيه وبين ماري جورج بوفيه. لم يعد قرار الشيوعيين يتعلق باختيار المرشح الشيوعي، بل هو فقط تحضير لقرار الهيئات المناهضة لليبرالية.

 تحول يضعف الحزب..
إنها خطوةٌ أخرى في تحول الحزب الشيوعي الفرنسي إلى "شيءٍ آخر" مناهض لليبرالية. وفي هذا السياق نفسه، هكذا يتم إبعاد فاعلية ترشيحٍ شيوعي جرى التصويت عليه في المؤتمر وسيادة الشيوعيين.
الأخطر من ذلك أنّه بقبول هذا الترشيح الذي لن يعود ترشيح الحزب الشيوعي الفرنسي، والذي لن يحمل برنامج هذا الحزب، يوافق المناضلون مثلما تقترح ماري جورج بوفيه لنفسها على أن يعتبروا وجود الحزب بوصفه "بين قوسين" في العام 2007. وبقبول ترشيحات أحادية في الانتخابات التشريعية (مرةً أخرى على نحوٍ مضاد لوثيقة المؤتمر)، فهم يقبلون أن يحلّوا مجموعةً "مناهضة لليبرالية" محل المجموعة الشيوعية في المجلس، رغم التجربة الكارثية التي خاضها غير الشيوعيين الذين انتخبوا إلى البرلمان الأوروبي على قائمة "فلتتحرك أوروبا".
إنّه إضعافٌ جديد ورهيب للحزب الشيوعي يتراءى أمامنا. وكيلا ننسى شيئاً، فالمؤتمر الوطني يدعو إلى أن تتشكل في كل مكان هيئات مناهضة لليبرالية، في نفس المكان الذي خسر فيه الشيوعيون لسوء الحظ قدرتهم على تنظيم أنفسهم في خلايا، بل وفي قطاعات في كثيرٍ من الأحيان.
 
موجبات التحول وعدوى «وضع نفسه بنفسه خارج الحزب»
الحزب الشيوعي الفرنسي يعيش متأخراً ما عاشه الحزبان الإيطالي والإسباني منذ وقتٍ طويل. ربما يكون العام 2007 رهيباً إذا نالت الإستراتيجية "المناهضة لليبرالية" علاوةً على ذلك نفس النتائج التي نالتها القوى المناهضة للعولمة، بضع نجاحاتٍ تقديرية تسبق خيبات أملٍ مريعة ونزاعات داخلية. تتسارع معركة جميع القوى السياسية في وسائل الإعلام وعلى الأرض، في حين يؤجل قرار الهيئات حتى كانون الأول... كما لو كنا في وضع الرئيس المنتهية ولايته الذي يحتفظ لنفسه بآخر وثبةٍ انتخابية بجميع إمكانيات وظيفته... ربما تكون خيبات الأمل رهيبة.
في هذه الأثناء، تتضاعف تهديدات القيادة وإجراءاتها الإدارية، إذ تبذل كل شيء لعزل المعارضين والبحث عن مناسبات للعقاب. فبعد أن دفعت ماكسيم غريميتز إلى باب الخروج، أخذت التحضيرات تتراكم بالنسبة للمجموعات الأخرى. بالنسبة للقيادة، ينبغي ألا يعود ممكناً أن ينشط المرء كشيوعي على نحوٍ يخالف خطها. ينبغي القيام بـ"التطهير" للتمكن من إنجاز "التحول" حتى النهاية. لقد عاد زمن الاستبعاد والإقصاء، مثلما جرى بالنسبة لقائمة الترشيحات البديلة للمؤتمر، حيث جرى "تطهير" ثلث المرشحين تقريباً.
 
ما العمل؟
ليس هنالك طريق مختصر، فوجود حزب شيوعي راسخٍ في عالم العمل ويحمل مشروعاً ثورياً وقادرٍ على مواجهة النظام المؤسساتي والاقتصادي لقلبهما أمرٌ لا بدّ منه. الأمر الأكثر أهميةً إذن هو بناء شروط إعادة بنائه بصبر، رغم أنف قيادته، ورغم القوى التي تهيئ من الداخل لاستبداله بـ"حزبٍ لليسار مناهض لليبرالية" ترسم الهيئات لتشكيله.
ينبغي إذن أن نقاوم، دائماً وأبداً! وأن نجمع طاقات إعادة البناء ونخرج من التشتت ومن الشجارات حول التفاصيل أو الأشخاص، ونقبل التباينات في الأوضاع المحلية والتواريخ الشخصية، وأن ننظم، ننظم، ننظم!

معلومات إضافية

العدد رقم:
285