ترجمة وإعداد: موفق إسماعيل ترجمة وإعداد: موفق إسماعيل

بخصوص الذريعة والحصار

كُتِب الكثير عن غرق السفينة الكورية الجنوبية «شيونان» في وسائل الإعلام الغربي، وألقيت المسؤولية عن غرقها على كوريا الديمقراطية، واعتبرت التهمة أمراً مقضياً غير قابل للنقض. لكن الشكوك ما زالت تحيط بالقضية، خاصة بعد أن قام عالما فيزياء أمريكيان من أصول كورية بإجراء عدة تجارب بغية التحقق من صحة التحاليل الكيميائية التي أجرتها حكومة كوريا الجنوبية، وتوصلا إلى نتائج مغايرة تماماً.

كما قام وفد من خبراء البحرية الروسية بزيارة كوريا الجنوبية لفحص الأدلة، وعاد الوفد إلى بلاده ليمضي الأسابيع التالية في تحليل المعلومات التي توافرت لديه. وبالنتيجة أعرب الروس لكوريا الديمقراطية عن عدم ثقتهم بنتائج التحقيقات التي أجرتها كوريا الجنوبية.

وفي تطور مثير، حصلت صحيفة «هانكيوره» التي تصدر في كوريا الجنوبية، على وثيقة روسية تلخص ما وصل إليه المحققون الروس. «يقول الوفد الروسي إنه إذا تم كشف الحقيقة فسوف تحشر كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في الزاوية». اتفق الروس مع وجهة نظر كوريا الجنوبية القائلة بأن غرق شيونان نجم عن انفجار خارجي. ولكنهم يعتقدون أنه لا يمكن الجزم بسبب الانفجار، والتفسير الأقرب لما حدث هو أنه بعد إصابة مروحة السفينة شيونان بأضرار نتيجة إبحارها على مسافة قريبة جداً من الشاطئ، حاولت جاهدة الخروج من المياه الضحلة حيث اصطدمت بلغم بحري، «المنطقة التي تعرضت فيها السفينة للحادث هي منطقة ألغام بحرية، الأمر الذي يثبته بشكل غير مباشر حظر الرسو أو الإبحار في الجانب الغربي من ساحل شبه الجزيرة الكورية».

أما بالنسبة لأجزاء الطوربيد المجمعة، فيذكر المحققون الروس أنها «يحتمل أن تكون لطوربيد من صناعة كوريا الشمالية، غير أن حبر الكتابة مختلف عن الحبر المعتمد استخدامه. والفحص النظري لأجزاء الطوربيد يظهر أنه بقي في الماء لمدة تزيد عن ستة أشهر». أي قبل فترة طويلة من غرق شيونان. «وبالتالي لا يمكننا استنتاج أن هذا الطوربيد قد قُذف وضرب السفينة شيونان».

قد تكون كوريا الديمقراطية على صواب عندما تعلن أن لا علاقة لها بغرق شيونان. لكن من ذا الذي يحتاج إلى حقيقة دامغة عندما يجب تحقيق أهداف جيوسياسية؟

إذ تنوي الحكومة الأمريكية وإدارة الخزينة العامة توسيع لائحة الشركات والمنظمات الخاضعة للعقوبات، وتجميد حسابات مصرفية، العمل مع مجموعة من الحكومات لإيقاف عدد من شركات كوريا الشمالية التجارية عن العمل، وفرض القيود على السفر، وغير ذلك من إجراءات.

ونتيجة لوضع أفراد ومنظمات كورية ديمقراطية على اللائحة السوداء، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الولايات المتحدة ستوقف التعامل مع أي بنك يتعامل مع تلك المنظمات. مع العلم أن العقوبات المطبقة على بيونغ يانغ حتى الآن تسببت بنقص في المواد الأولية، أدى بدوره إلى انخفاض الإنتاج، حسب تصريح للمحلل الاقتصادي الكوري «تشو بو هيونغ» الذي يعتقد أن تشديد العقوبات قد يؤدي إلى مجاعة مشابهة لمجاعة التسعينيات.

أما رئيس كوريا الجنوبية، لي ميونغ- باك، فقد استغل الفرصة التي أتاحها له غرق السفينة شيونان لتوسيع أهدافه. كمعارض مزمن لـ«سياسات الشمس المشرقة» التي اتبعها رئيسان سبقاه، لم يُخفِ ميونغ-باك يوماً طموحه لتفكيك كل التقدم الذي توصلت إليه الكوريتان في علاقاتهما خلال السنوات الماضية، ومنذ لحظة وصوله إلى سدة الحكم عمل على تجميد عدة اتفاقات عقدها الرئيس الأسبق «روه مو-هيون» مع كوريا الديمقراطية.

المطلوب إجراء تحقيق بمشاركة دولية موسعة، تعرض نتائجه علناً، إذ يستحق 46 بحاراً قتلوا نتيجة غرق السفينة كشف الحقيقة، مهما كانت. كما يستحقها شعبا الكوريتين، المتشاركان في المستقبل بشتى الأشكال، لكن الاعتبارات الجيوسياسية كفيلة بمنع قيام مثل هذا التحقيق.

عن صحيفة «كوريو دل أورينوكو»