وأخيراً.. أفصحوا عن خوفهم!

منذ أيام أعرب رئيس وزراء إسبانيا السابق خوسيه ماريا أزنار عن مخاوف الغرب الإمبريالي من احتمالات انهيار الكيان الصهيوني في المستقبل المنظور، محذراً من «أن انهيار إسرائيل سيقود بالتالي إلى انهيار الغرب»!.. ولذلك دعا أزنار إلى دعم الكيان الصهيوني في المواجهات التي يخوضها «ضد الإرهاب والتطرف»..

وقد سبق للمستشارة الألمانية ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي أن تفاخرا في بيان رسمي بدور أسطولهما البحري في المتوسط بحراسة المياه الإقليمية اللبنانية ومراقبتها منعاً لوصول أي سلاح لحزب الله، وكذلك فعل ساركوزي الذي تعهد بتوطيد التحالف الفرنسي الإسرائيلي سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً.. أما الموقف الأمريكي فلا يحتاج إلى توضيح طالما اعتبر أوباما وكل الرؤساء الذين سبقوه أن «الأمن الإسرائيلي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الأمريكي..»!

لعل هذا العرض الأولي المختصر جداً يؤكد أن حقيقة الصراع ما زالت مستمرة منذ زمن طويل بين الإمبريالية والشعوب، فالطرف الأول معتد على طول الخط والثاني يرد على العدوان رغم الفارق الهائل في ميزان القوى..

.. ومن هنا نقول إن صراع شعوب الشرق العظيم مع الغرب الإمبريالي بجناحيه الأمريكي والأوربي ليس لها يد فيه، طالما أن الرأسمالية العالمية قبل دخولها مرحلة الاحتكار وعلى مدار القرن العشرين بكامله تعلن جهاراً أن «لها الحق في وضع يدها على بلادنا واستغلال مواردها ونهبها للمحافظة على تقدمها الصناعي والتكنولوجي».

.. ومن نافل القول إن اغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني كثكنة عسكرية متقدمة في الجسر البري الواصل بين آسيا وأفريقيا العربيتين، كان نقطة الانطلاق نحو تأمين السيطرة الشاملة على دول المنطقة وشعوبها وتوسيع الدائرة لاحقاً إلى ما نشهده اليوم من أوضاع واحتلالات مباشرة وغير مباشرة من المتوسط حتى بحر قزوين.

عندما يعترف الزعماء الرأسماليون بأن «الأمن القومي للغرب يرتبط بوجود إسرائيل قوية» يتضح زيف الادعاء بأن المليارات التي يقدمها الغرب للكيان الصهيوني هي «تعويض عن مآسي اليهود»، أو «تشكل حلاً للمسألة اليهودية»، والتي هي من صنعهم منذ أواخر القرن التاسع عشر.

وبكلام آخر، إن الدعم المطلق للكيان الصهيوني والخوف على مستقبله جراء تنامي المقاومة ضده، يرتبط بالخوف على المصالح الإمبريالية وأطماعها في المنطقة ومصير مشروعها الكوني والذي بدأ انسداد الأفق التاريخي أمامه بفعل بداية النهوض الشعبي العالمي، ومن هنا لا غرابة أن يتخلى الغرب الإمبريالي عن «شعارات العدل والإخاء والمساواة والديمقراطية»، ويتجه بشكل مكشوف نحو تغطية العنصرية الصهيونية والدفاع عن جرائمها الموصوفة ضد الإنسانية.

إذا أخذنا الأمور بمنطق شكسبير في «تاجر البندقية» فمن حق الغرب أن يخاف على الكيان الصهيوني الذي لا يعدو كونه استثماراً تاريخياً للإمبريالية العالمية، فالأزمة الرأسمالية العالمية قد بدأت تصل إلى الكيان، والتجمع الاستيطاني فيه ذاهب إلى التفسخ خصوصاً بعد أن ذهب زمن الحروب السريعة الرابحة، وبعد أن أصيبت نظرية «الردع» الإسرائيلية في الصميم، بعد حرب تموز 2006..

من هنا تزداد جريمة وخيانة قادة دول الاعتلال العربي، فهم أيضاً يخافون على الكيان الصهيوني من الانهيار، ويحاولون سجن إرادة الشعوب العربية عبر الاستبداد والقمع وتشويه الذاكرة الشعبية، ففي مقابلة صحفية له مؤخراً مع قناة «روسيا اليوم» تجرأ وزير خارجية النظام المصري «أبو الغيط» على القول «إن القوى المتطرفة في العالم العربي تحاول إعادة مصر إلى قعقعة السلاح والابتعاد عن السلام»!!

وإذا كان كلام أبو الغيط لا يحتاج إلى تعليق، فإن الذاكرة الجمعية لدى شعوبنا تعلم أن مجد مصر المفقود سببه التخلي عن شرف حمل السلاح والمقاومة على أيدي نظام السادات ووريثه نظام مبارك الحالي الذي لا يرى نفسه إلاّ في مركب واحد مع التحالف الإمبريالي- الصهيوني ضد المقاومة، شرف وضمير هذا العصر!

.. وفي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أن «إسرائيل دولة إبادة جماعية تتصرف كقاتل لحساب الولايات المتحدة الأمريكية وتهددنا جميعاً»، وفي الوقت الذي يعلن فيه الرئيس أحمدي نجاد عن شروط إيران للتفاوض مع الغرب، نجد الملك السعودي يعلن من البيت الأبيض أن «الرئيس الأمريكي يحظى باحترام العالم بوصفه رجلاً شريفاً، ونحن ندعم جهود مجموعة 5+1 فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي»!

وهكذا تتضح التخوم بين من يخافون على مصيرهم ومستقبل الكيان الصهيوني وبين شعوب هذا الشرق الذين فرض عليهم القتل والقتال في معركة لا تنفع معها أنصاف الحلول، بل أخذ زمام المبادرة وإعلان الحرب العادلة عبر المقاومة الشاملة ضد مشعلي الحروب الظالمة من إمبرياليين وصهاينة حتى النصر الأكيد..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.