أحمد عبد الله أحمد عبد الله

الدوحة تحولت إلى «عاصمة» عالمية لحركات الإسلام السياسي

 توضحت ملامح السياسة القطرية في دعم الحركات الاسلامية المتطرفة إثر أنباء عن السماح لحركة طالبان المتشددة بفتح مكتب لها في العاصمة الدوحة، بعد أيام من اكتشاف وثائق تشير الى تورط قطري بدعم مجموعة من الإسلاميين المتطرفين لاغتيال سيف الإسلام القذافي خلال إحدى زياراته السابقة الى العاصمة البريطانية لندن.

وكشفت صحيفة (التايمز) البريطانية مؤخراً أن الولايات المتحدة صادقت على خطط تسمح لحركة طالبان الأفغانية بافتتاح مقر سياسي لها في قطر قبل نهاية العام الحالي، ليكون الأول من نوعه بعد سقوط الحركة في افغانستان عام 2001.

ولم تشر الصحيفة في تقريرها عن الاسباب التي دفعت طالبان لاختيار الدوحة مقراً جديداً لها، وعما اذا كانت الدوحة تسعى الى إعادة تأهيل الحركات الاسلامية المتطرفة.

وتحولت قطر إلى «عاصمة» عالمية لحركات الإسلام السياسي وهو المشروع الذي وصل إلى ذروته في دعم قطر لهذه الحركات في مسعاها «للاستيلاء» على حركة الشباب في المنطقة والتي صارت تسمى «الربيع العربي».

وأشارت الصحيفة إلى أن سفارة «إمارة أفغانستان الإسلامية» ستُفتح في قطر قبل نهاية العام الحالي بأمل أن تساعد في تسهيل محادثات سلام يمكن أن تؤدي إلى هدنة مع طالبان، بعد أن حظيت على دعم زعيم الحركة الملا عمر.

وقالت إن طالبان تريد أن تتأكد من أن أعضاء بعثتها سيتمتعون بحرية الحركة ولن يتعرضوا للمضايقات والإعتقال في العاصمة القطرية الدوحة، والتي يُعتقد أن سلطاتها وافقت على السماح للحركة بافتتاح مقر بعد أن طلبت واشنطن أن يكون بعيداً عن تأثير باكستان.

وتقول مصادر غربية مطلعة إن الدوحة لم تصل إلى حالة القطيعة التامة مع طالبان بتاتاً، وقد استمرت قناة الجزيرة القطرية ببث بيانات القاعدة واللقاءات مع كبار قادة حركة طالبان مما أثار الكثير الشكوك حول التنسيق بين تلك الأطراف.

وواجهت القناة القطرية اتهامات بأن تسريباتها لأشرطة فيديو عن اماكن تواجد بعض قيادات طالبان ساعدت القوات الأميركية في أفغانستان على استهدافهم وقتلهم مما مهد الطريق لصعود قيادات أكثر اعتدالاً من صفوف الحركة.

واتهم عدد من مراسلي القناة بالتنسيق المباشر مع القاعدة وطالبان وأعتقل بعضهم في حين أدين مراسلهم السابق في كابول في محكمة اسبانية.

ويردد المتشككون في دور القناة أن إدارة الجزيرة لا يمكن لها أن تقدم على أية خطوة يمكن أن تثير اشكالات دون الحصول على ضوء أخضر من أعلى قيادة في قطر.

ونقلت «التايمز» عن دبلوماسي لم تكشف عن هويته قوله إن «مقر طالبان في الدوحة لن يكون سفارة أو قنصلية بل شبيهاً بمكان إقامة بحيث يمكن معاملة الحركة مثل أي حزب سياسي، لكنها لن تكون قادرة على إستخدامه لجمع التبرعات أو لدعم القتال في أفغانستان».

وكانت تقارير صحفية كشفت أخيراً عن أن الجولة الأخيرة من محادثات سلام إستكشافية سرية بين الولايات المتحدة وقيادة حركة طالبان إنهارت بعد تسرّب تفاصيل عن المفاوضات.

وقالت إن السرية المطلقة كانت شرطاً أساسياً للقاءات التي عُقدت في ألمانيا وقطر في وقت سابق من هذا العام بين طيب آغا، السكرتير الخاص السابق لزعيم حركة طالبان الملا عمر، ومسؤولين بارزين من وزارة الخارجية الأميركية ووكالة الإستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

وتأتي الانباء حول سفارة طالبان في الدوحة بعد أيام من بث رسالة من الملا لمناسبة عيد الفطر أشار فيها إلى أن الوضع في أفغانستان يجب أن يتم حله بطريقة مشروعة.

وكان قادة طالبان قد رفضوا سابقاً عروضاً عدة للشروع في مفاوضات سلام لأن الحكومة الأفغانية، من وجهة نظر حركة طالبان، ليست شرعية، ولأن طالبان كانوا يشترطون لبدء المفاوضات انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان.

واختفى الملا عمر عن الأنظار ولم يعد أحد يسمع أخباره بشكل مباشر في وسائل الإعلام منذ عام 2001.

وقلل السفير الاميركي الجديد في افغانستان من اهمية الوعود والطروحات التي جاءت على لسان الملا عمر وقال انها لم تشعره بأي شيء ايجابي، معتبرا ان الملا عمر لم ينف وجود الاتصالات لكنه اعتبرها تكتيكية بحتة، وانه لم يشر الى وجود استعداد من حركة طالبان لتقديم اي تنازلات.

الجزيرة أول من يبث خطابات القاعدة وبن لادن

وقلل رايان كروكر من آمال التوصل الى تقدم في الجهود المبذولة لانهاء العنف الذي يسود افغانستان منذ الغزو الاميركي لها عام 2001.

ويعتقد كروكر ان حركة طالبان لن تأخذ المفاوضات معها بجدية وبطريقة تؤدي الى نتائج ملموسة على الارض الا اذا وجه لها المزيد من الضربات العسكرية المؤلمة.

وقال كروكر في تصريح صحفي «يجب أن تشعر طالبان بمزيد من الالم لتكون مستعدة بشكل حقيقي للتصالح».

وسبق وان اشتبهت الاستخبارات البريطانية بدور قطري في محاولة لاغتيال سيف الاسلام القذافي أثناء احدى زياراته الى لندن من قبل جماعة اسلامية.

وكشفت صحيفة «ذي اندبندنت» أن جهاز الأمن الخارجي البريطاني (أم آي 6) وشرطة سكوتلند يارد أنقذتا سيف الإسلام، نجل العقيد الليبي معمر القذافي، من مؤامرة اغتيال خططت لها جماعة إسلامية على الأراضي البريطانية.

وقالت الصحيفة في تقرير كتبه «تيم سنكوبتا» من العاصمة الليبية طرابلس إن الكشف جاء في وثائق سرية عثرت عليها في ليبيا، وأظهرت أيضاً أن الاستخبارات البريطانية تشتبه بوجود صلة بين مؤامرة اغتيال سيف الإسلام وقطر، الحليف العربي الأول للغرب حالياً ضد النظام الليبي.

وأضافت أن جهاز (آم آي 6) اتصل بنظيره الفرنسي بعد أن أبلغته السلطات الليبية أن خلية إرهابية على علاقة بقطر كانت تخطط لتصفية سيف الإسلام في باريس، وأبلغ الفرنسيون المسؤولين البريطانيين وقتها أن وزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن خالد آل ثاني زعم بأنه «كان يُعرف بتعاطفه مع الجماعات الإسلامية المتطرفة».

وأشارت الصحيفة إلى أن الفرنسيين لم يقدموا أي أدلة تدعم هذا الاتهام، ولكن مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأميركية كانوا يعتقدون في عام 2003 أن الوزير القطري نفسه كانت له صلات بتنظيم القاعدة.

ونقلت عن تقرير نشرته صحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية في آذار 2003 أن الشيخ عبد الله بن خالد آل ثاني «حمى إرهابيين بمزرعته»، وأكد ريتشارد كلارك، مدير مكافحة الإرهاب السابق في البيت الأبيض، أن دور الشيخ خالد كرئيس للأمن داخل قطر شكّل خطراً جسيماً على القوات الأميركية المنتشرة في قطر.

 

 

• «الجزائر تايمز»