خطوة وحيدة لإنقاذ لبنان.. هل تُتخذ؟
حسام سلامة حسام سلامة

خطوة وحيدة لإنقاذ لبنان.. هل تُتخذ؟

لم تعد التهديدات ذات البعد الإقليمي التي تطال لبنان من النوع «الخفيف»، لم تعد من نوع المخاوف المتكررة من احتمالات الوقوع في براثن الفوضى المديدة المهددة باستئناف الحرب الأهلية. وبحكم صغر مساحة لبنان باتت «داعش» خطراً يهدد، جدياً، أمن اللبنانيين ووجودهم.

ثلاثة تفجيرات هزَّت لبنان خلال أسبوع واحد. من تفجير حاجز الجيش اللبناني في ضهر البيدر، إلى استهداف حاجزٍ آخر في الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت، وصولاً لتفجير انتحاري لنفسه خلال عملية أمنية في فندق بالروشة (على بعد أمتار من مبنى السفارة السعودية). يجري الحديث عن بؤر وخلايا نائمة لتنظيم «داعش» في عموم المحافظات اللبنانية، ويأتي الفشل الأمني بوضع حد للهجمات الإرهابية، ليؤكد مجدداً أن الحل أبعد من أن يكون أمنياً فقط.

كيف دخلت «داعش»؟

بعيداً عن الخوض في التفاصيل والتحليلات الأمنية، يشكِّل لبنان «عامل جذب واستقطاب» لمثل هذه التنظيمات. ويكمن جوهر المسألة في البنية السياسية للبنان، هذه البنية (المعتمدة في أساسها على تركيبة التحاصص السياسي والطائفي) حولته إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية، وساعدت أطراف الصراع الإقليمي، على استخدام أدواتها كافة في لبنان، بدءاً بالضغوط السياسية (اليد الطولى للسفارات مثالاً على ذلك)، وصولاً اليوم إلى الضغوط الأمنية عبر تهديدات «داعش»، ومحاولات تنظيم مجموعات مسلحة «من طراز جديد»، اعتماداً على بعض شباب الشمال اللبناني الذي همشه مع بقية الشباب اللبناني نظام التحاصص، بلا هوادة.

الحل بحاجة إلى من يبتغيه

سابقاً، كان يجري التساهل مع تركيبة الطائف ونظام التحاصص عبر التعويل على قدرة السياسيين في التحكم بمجريات الأمور داخلياً، حيث لم يكن القرار الإقليمي بإشعال جبهة لبنان قد اتخذ بعد. لكن اليوم، ومع تكثيف نشاط المجموعات الإرهابية («داعش» و«كتائب عبد الله عزام»)، لا يمكن لعاقل أن يصر على قدرته التحكم بمسار الأمور.

لقد تمكنت مفرزات الصراع الإقليمي من الدخول إلى لبنان منذ عقود لأن البلد تابع أصلاً لاستقطابات إقليمية متعددة. وعليه، فإن الحل الوحيد المتاح اليوم، هو كسر القاعدة غير المعلنة والقائلة بأن لبنان هو التربة الأكثر جهوزية لتصفية الحسابات الإقليمية. تبدأ أولى خطوات هذا الحل بإلغاء واقع التبعية الذي رسخه الطائف، والاتجاه نحو الداخل اللبناني، عبر ملاقاة مطالب الناس، التي يمثل حراك «هيئة التنسيق النقابية» أحد أوضح تجلياتها، والسير في خط مواز على بناء نظام سياسي جديد، يحصِّن لبنان اقتصادياً اجتماعياً وسياسياً، ويمنع استنزاف المقاومة في صراعات داخلية وأعباء أمنية.

كذلك تبرز ضرورة قصوى في إعطاء الأولوية لمساندة ودعم الحل السياسي في سورية بشكلٍ جدي، كونها الجبهة التي يجفف الهدوء والاستقرار فيها منابع المدّ الإرهابي المنطلق إلى الأراضي اللبنانية. هذا الحل الوحيد المتاح أمام القوى الساعية إلى إنقاذ لبنان ومقاومته، فهل تفعلها؟