«الاتحاد الأوراسي».. تعزيز الدفاعات الاقتصادية لروسيا

«الاتحاد الأوراسي».. تعزيز الدفاعات الاقتصادية لروسيا

كشف فلاديمير بوتين عندما كان رئيساً للوزراء في مقال له نشرته صحيفة إزفيستيا الروسية بتاريخ  الرابع من تشرين الأول 2011 عن تحريك عملية التكامل في الساحة السوفييتية السابقة في اتجاه الاتحاد الجديد «الاتحاد الأوراسي» على أساس الاتحاد الجمركي الاقتصادي القائم حالياً، والذي يضم بالإضافة إلى روسيا كل من بيلاروسيا وكازاخستان.

رأى بويتن حينها ضرورة توسيع نطاق عضوية هذا الاتحاد وضمّ المزيد من الدول إليه، وعلى الأخص قرغيزيا وطاجيكستان، تمهيداً لتكوين «الاتحاد الأوراسي». منذ هذا الإعلان تسير روسيا بخطا متسارعة لتكوين هذا الاتحاد ليكون أحد أقطاب العالم المعاصر بعد سيادة القطب الواحد الأمريكي لمدة تزيد على عقدين من الزمن.

كسر الهيمنة الغربية؟

يتم التوقيع على الاتفاق التاريخي اليوم بين الرؤساء الثلاثة: “بوتين” و”نزار باييف” و”لكاشينكو» في العاصمة الكازاخية «أستانا» بتاريخ 29 أيار 2014، في لحظة دولية حساسة تشهد تنامياً لقوى صاعدة مقابل المراكز الرأسمالية الغربية، حيث يشكل “الاتحاد الأوراسي” تجمعاً بشرياً لـ170 مليون نسمة،
و15% من احتياطيات النفط العالمي و20% من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم، وبناتج محلي إجمالي 2.7 تريليون دولار.
يُبلور «الاتحاد الأوراسي» تجمعاً لقوى رأسمالية صاعدة يتيح لروسيا وللدول المنضوية فيه هامشاً للمناورة والنمو الاقتصادي الذي يهمين عليه الغرب تاريخياً، حيث يبنى الاتحاد على أساس إلتزام الدول الثلاث بموجب الاتفاقية بضمان حرية حركة البضائع والخدمات ورأس المال والقوة العاملة في حدود الاتحاد، وأيضاً بتنسيق سياساتها في القطاعات الحيوية للاقتصاد مثل الطاقة والصناعة والزراعة والنقل. كما ستشرع روسيا بتخصيص 1.2 مليار دولار لقرغيزيا لتهيئة اقتصادها للانضمام إلى الاتحاد الجمركي.

الاستنفار الاقتصادي الروسي

تأتي هذه الاتفاقية التاريخية بعد أسبوع من الاتفاقية التي وقعتها روسيا مع الصين الأسبوع الماضي، كما يتوازى كل ذلك مع إجراءات اقتصادية هامة على صعيد الداخل الروسي حيث تعدّ الحكومة الروسية برامج لدعم الصناعة الوطنية وتقليص الاستيراد من الخارج، عبر استثمارات داخلية مدعومة من الحكومة ببرامج تمويل طويلة الأجل وبمعدلات فائدة منخفضة، ما قد يجنّب روسيا خطر العقوبات الاقتصادية.
يعتبر «الاتحاد الأوراسي» أحد أقطاب العالم الرأسمالي في القرن الواحد والعشرين، وهو يحمل مؤشرات مهمة من النواحي الاستراتيجية السياسية والاقتصادية لعل أهمها هو محاولة لنشوء وظهور الفضاءات الاقتصادية الجديدة في العالم وإعادة التوازن إلى الساحة الدولية ما قد يزيد حصة شعوب هذه الدول من النمو الاقتصادي، و بالوقت نفسه سيعطي الدولة الروسية وحلفاءها هامشاً أكبر للمناورة في مواجهة الغرب، فرغم كون هذا النموذج قائماً على النموذج الرأسمالي المأزوم إلا أنه يخفف من هيمنة الغرب على مصادر النمو الاقتصادية في هذه البلدن التي عانت عقوداً من التبعية.