جمهور التغيير..
غيث خوري غيث خوري

جمهور التغيير..

يوجد لدى بعض أوساط النخب والمعارضة توجس مفاده: إن المطالب بالتغيير هو فقط من يرفع شعار «إسقاط النظام»، وعلى هذا المبدأ فإنهم يستثنون من جمهورهم شرائح واسعة من المجتمع السوري ويعتبرونها إما مؤيدة للنظام ولا تريد التغيير، أو أنها خائفة من هذا التغيير وما سيتبعه، ويترتب على ذلك أنهم إذ يعقدون المؤتمرات ويصدرون البيانات والمواقف، فهم لا يخاطبون فيها هذه الجماهير وهمومها، معتبرين أنها لا تريد التغيير كونها لا تتبنى شعاراتهم.

وفي رؤيتهم الصورية والناقصة هذه إنما يكمن «مصرعهم» و«مقتلهم» سياسياً واجتماعياً، لأنهم مازالوا يحملون عقلية الفضاء السياسي القديم، ويعملون بعقلية النظام الذي يعارضونه نفسه! لأن النظام من جهته يعتبر أن الجماهير المؤيدة له سوف تبقى مؤيدة دائماً وأبداً، مهما قمع واستبد واستمر بحله الأمني ماضياً بالبلاد والعباد إلى الهاوية، ومعتبراً كل مطالب التغيير مؤامرة يجب سحقها

إن «معارضاً» من هذا الطراز، لا يعي ولا يفهم أن هذه الجماهير سوف تنزل إلى الشارع كلما ازداد منسوب التدخل الخارجي في البلاد، التدخل الذي يهدد كيانها ووحدتها الوطنية، وإن نزولها للشارع رافضة قرارات الجامعة العربية أو غيرها، لا يعني أبداً تأييدها المطلق وإعطاءها الضوء الأخضر للنظام لفعل ما يريد، بل وعلى العكس من ذلك، فإنه كلما انخفض منسوب التدخل الخارجي واتجهنا نحو الحل السياسي، سوف يضغط السوريون وبكل أطيافهم على النظام لتحقيق التغيير البنيوي الشامل.

إن جمهور التغيير هو الشعب السوري كله، وما يجمعه على هذا هو رفضه من الآن فصاعداً  لكل من يريد أن يفقره ويستغله ويهمشه، رفضه لكل فاسد -داخل النظام وخارجه- قمعه وسلبه قوته وقوت أولاده، ورفضه للطبل والزمر بالسياسات الممانعة إذا كان الغرض من «الضجيج الوطني» تمرير مشروع اقتصادي «ليبرالي» هو قمة في الخيانة والتبعية، لكي تهنأ  كروش أصحاب المشاريع على اختلاف جنسياتهم.

ما يجمعه أيضاً، رفضه لكل «معارض» قدم ويقدم كل أنواع التنازلات للأمريكان وأمراء الخليج «سلاطين السمن والزيت»، مستقوياً بالخارج  باسم «حماية الشعب وحريته»، ورفضه لكل من وضعه بين سندان المعارضة ومطرقة النظام بهدف تغييب عدوه الحقيقي.

إن المعركة الحقيقية هي معركة المنهوبين ضد ناهبيهم ومستغليهم أينما تمترسوا، والتغيير الجذري محكوم بالأمل عبر تضافر جهود القوى الشريفة في الحركة الشعبية والمعارضة والنظام.

وفي الخلاصة يحضرني قول «روزا لوكسمبرغ»:

«إن الجماهير هي العنصر الحاسم، والصخرة التي سيبنى عليها النصر النهائي للثورة».