الاستفاقة الحكومية على وجود معامل للبطاريات لن تزيد الأمر إلا سوءاً!

الاستفاقة الحكومية على وجود معامل للبطاريات لن تزيد الأمر إلا سوءاً!

استفاقت الحكومة مؤخراً على وجود إنتاج محلي من البطاريات، وأن هناك معامل لصناعتها وإنتاجها!

وقد أتت الاستفاقة الحكومية المتأخرة بعد طلب بعض شركات صناعة البطاريات حماية منتجاتها من خلال وقف عمليات الاستيراد، أو رفع الدعم عن عمليات تمويل استيراد البطاريات!

بعض التفاصيل!

أوصت اللجنة الاقتصادية بالموافقة على وقف استيراد البطاريات للأنواع والمقاسات التي تحددها وزارة الصناعة والتي يتوفر منها إنتاج محلي كافٍ ومطابقة لمعايير الجودة مقارنة بأسعار المستوردة منها، وقد حظيت هذه التوصية بموافقة رئيس الحكومة المؤرخة في 21/2/2024!
التوصية والموافقة أعلاه استندت إلى مجموعة من الكتب المسطرة من قبل بعض الوزارات (الدفاع - الصناعة - الاقتصاد والتجارة الخارجية) منذ بداية العام الحالي، بالإضافة إلى مصرف سورية المركزي.
وقد سمحت التوصية أيضاً باستكمال إجراءات استيراد البطاريات التي تم شحنها قبل تاريخ صدورها.

المعامل قديمة بصعوباتها ومعاناتها!

لا ندري ما هو سر هذه الاستفاقة المتأخرة جداً على وجود معامل محلية لإنتاج البطاريات؟!
فمعامل إنتاج البطاريات المحلية ليست جديدة، وتعاني ما تعانيه من صعوبات كثيرة في إنتاجها وتأمين مستلزماتها ومن تكاليفها المرتفعة، ومن المنافسة في تسويق منتجاتها في الأسواق المحلية بسبب غزو المستورد طيلة السنوات الماضية، من مصادر مختلفة، وبمواصفات وأسعار متباينة، وبكميات كبيرة جداً، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ جودة ومواصفة الإنتاج المحلي من البطاريات تعتبر متوسطة ودون المتوسطة بالمقارنة مع بعض شبيهاتها المتوفرة في الأسواق استيراداً!
فتعطُّش السوق للبدائل الكهربائية اضطراراً بسبب إجراءات التقنين الكهربائي المجحفة، وبسبب سوء وتردي الشبكة وكثرة أعطالها، وبسبب التراجع الكبير في كمّ الإنتاج من قبل محطات التوليد بذريعة عدم توفر المشتقات النفطية التشغيلية الكافية لتعمل بطاقتها (فيول- غاز) - كل هذا أدى بالنتيجة إلى زيادة استيراد هذه البدائل طيلة السنوات الماضية، بمختلف أنواعها ومواصفاتها ومصادرها وأسعارها، لتغطية جزء من الحاجات إلى الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى تغوّل الاستثمار بمولدات الأمبير وزيادة أعدادها وانتشارها، وكل ذلك على حساب المواطنين المضطرين لهذه البدائل ومن جيوبهم!

بعض الانعكاسات السلبية المباشرة!

على ضوء صدور الموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية أعلاه استعرت أسعار البطاريات في الأسواق مباشرة، سواء للمنتج المحلي أو المستورد، وبدأت بعض الأنواع والمقاسات تختفي من الأسواق لتباع بأسعار استغلالية أعلى!
وبهذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن الكثير من الأنواع المتوفرة في السوق استيراداً ذات مواصفة متدنية أيضاً، والأسعار التي يتم البيع بها مرتبطة بمتغيرات سعر الصرف وتذبذبه، مع الكثير من عوامل الاستغلال والانفلات، بلا رقابة ولا ضمان!

إجراءات حمائية غير كافية!

الإجراءات الحمائية التي تم اتخاذها بموجب توصية اللجنة الاقتصادية أعلاه هي إجراءات غير كافية، بالإضافة إلى أنها أتت متأخرة جداً!
فحماية الإنتاج المحلي تبدأ اعتباراً من تذليل صعوبات هذا الإنتاج، وخاصة على مستوى تأمين مستلزماته، مع المساعي الجادة من أجل تخفيض تكاليفه، وخاصة حوامل الطاقة، الأمر الذي يتيح فعلاً إمكانية زيادة الإنتاج وتخفيض تكاليفه وتحسين جودته ومواصفاته، وبالتالي تخفيض أسعاره بالنسبة للمستهلكين، وصولاً إلى المنافسة العادلة مع المستورد الشبيه بالمواصفة والجودة والسعر!
أما أن تصدر اللجنة الاقتصادية موافقتها بالشكل أعلاه دون أن تتخذ الحكومة أيّ إجراء إضافي مما سبق بما يخص مستلزمات الإنتاج وتوفيرها وتخفيض تكاليفها، فهذا يعني ذراً للرماد في العيون، فلا غايات حمائية ولا هم يحزنون، مع الأخذ بعين الاعتبار الكميات المستوردة التي سيتم استكمال إجراءات إدخالها إلى السوق، وبأن وقف الاستيراد مرتبط بما ستسفر عنه دراسة وزارة الصناعة لمواصفات وجودة المنتج المحلي وأنواعه، ومدى كفايته، وذلك بالمقارنة مع أسعار المستورد!
أما الأهم فهو مرونة المستوردين وقدرتهم على الالتفاف على إجراءات منع استيراد بعض الأنواع والمقاسات، من خلال استيراد أنواع مختلفة بالمواصفة والمقاس عمّا هو منتج محلياً، «وكأنك يا بوزيد ما غزيت!».

النتائج المتوقعة!

لنصل إلى نتيجة مفادها أن التوصية أعلاه ستتمثل نتائجها المتوقعة بالتالي:
استمرار الحاجة إلى البدائل الكهربائية، وذلك لاستمرار الأزمة الكهربائية، بأسبابها وذرائعها ونتائجها!
استمرار الإنتاج المحلي من البطاريات على ما هو عليه، مقاساً ومواصفة ونوعاً وكماً وسعراً، بسبب استمرار صعوباته ومعيقاته، وبسبب استمرار المنافسة مع المستورد ذي المواصفة والمقاسات والأسعار المختلفة!
ارتفاع أسعار البطاريات في الأسواق وزيادة معدلات الاستغلال السعري فيها، وذلك بالحد الأدنى خلال الفترة القريبة القادمة إلى حين استكمال دراسة وزارة الصناعة، ووصولاً إلى إعادة النظر بالتوصية، سواء على مستوى استمرار إجراءات منع الاستيراد، أو على مستوى إعادته، وخاصة بما يتعلق بالمواصفة والمقاسات غير المنتجة محلياً، والتي سيتم استئناف الاستيراد بموجبها!
زيادة حصة المهرّبات من البدائل الكهربائية لسد النقص الحاصل بسبب منع الاستيراد الحالي وإجراءات سحب البضائع من السوق من قبل المستوردين والتجار!
زيادة حصة مستثمري الأمبيرات من الطاقة الكهربائية المنتجة والمَبِيعة من قبلهم، مع المزيد من عوامل الاستغلال السعري فيها!

على حساب المواطنين ومن جيوبهم!

التوصية أعلاه، بالإضافة إلى أنها ذر للرماد في العيون تحت مسمى دعم الإنتاج المحلي خلّبياً، ستزيد الأمر سوءاً على المواطنين المضطرين للبدائل الكهربائية!
فكل النتائج أعلاه ستكون وبالاً على المواطنين، ومن جيوبهم وعلى حساب المزيد من الاضطرار للبدائل الكهربائية، بسبب استمرار أزمة الطاقة الكهربائية والإصرار على عدم حلها رسمياً، فيما تستمر عوامل استغلال هذا الاضطرار من قبل كبار حيتان السوق والمسيطرين عليه (كبار المستوردين والتجار)، ومن قبل مستثمري الأمبيرات المحظيين، على حد سواء!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1163