صندوق التسليف الطلابي... هيئة دعم أم كارثة من جيوب الطلبة!

صندوق التسليف الطلابي... هيئة دعم أم كارثة من جيوب الطلبة!

صدر القانون رقم 16 للعام 2023 والذي ينص على إحداث هيئة عامة تسمى «الصندوق الوطني للتسليف الطلابي» تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، حيث تحل الهيئة الجديدة محل الهيئة العامة لصندوق التسليف الطلابي المحدثة بموجب المرسوم التشريعي رقم 53 لعام 1979.

وحسب ما جاء في تبويبات القانون فإن الهدف من إحداث الهيئة يتمحور حول مساعدة طلاب الجامعات والمعاهد على إتمام تحصيلهم العلمي وتخفيف الأعباء المادية المترتبة على هذا التحصيل عليهم وعلى أسرهم من خلال منحهم قروضاً ميسرة، مع التوضيح أن القروض والإعانات التي سيقدمها الصندوق، إضافة إلى الوثائق المتعلقة بها، معفاة من الرسوم والطوابع والبدلات المترتبة عليها.
وما يسجل على القانون أنه يعتبر خطوة تراجعية على مستوى الإعفاء من الفوائد والعمولات، وعلى مستوى إحداث طابع باسم الهيئة سيتم فرض استخدامه على كل وثيقة طلابية، ومن جيوب الطلاب!

الاستقلالية المالية والإدارية!

الاستقلالية الممنوحة للهيئة بحسب القانون تعني بالواقع العملي أن عليها تأمين مواردها بنفسها لتغطية ما تمنحه من قروض وإعانات، مع الأخذ بعين الاعتبار ما سيتم تخصيصه من اعتمادات مالية سنوية من موازنة الدولة بحسب القانون (وهو أمر إيجابي طبعاً)، وما سيتم تحقيقه من موارد من خلال قيمة الطابع الذي تم إحداثه، كجزء تمويلي إضافي لتحقيق هذه الغاية!
مع لحظ أن جميع القرارات المالية والخطط والتوجهات ستكون ضمن صلاحيات ومسؤولية مجلس الإدارة بحسب مفردات القانون، وتنفيذاً للاستقلالية المالية والإدارية.
وبهذا الصدد ربما ما يجب التوقف عنده هنا، وبعد المرور بالمادة 10 من القانون ذاته، التي أوضحت أن القروض الطلابية والإعانات والوثائق المتعلقة بها معفاة من الرسوم والطوابع والبدلات المترتبة عليها فقط، دون أن تأتي على ذكر الفوائد والعمولات التي كانت مذكورة بالقانون السابق، الذي صرح بأن القروض الطلابية معفاة من الرسوم والطوابع والبدلات والفوائد أيضاً.
لكن ومع الاستقلال الإداري والمالي يصبح مجلس الإدارة معنياً بتحديد أنواع القروض والإعانات وتحديد فوائدها وعمولاتها أيضاً، كخطوة تراجعية كبيرة على حساب الطلاب كشريحة مستهدفة من القانون، وخاصة المفقرين الأكثر حاجة واضطراراً للقروض والإعانات!
فهل من المعقول أن يمنح الطالب المفقر إعانة تساعده على إتمام تعليمه ويتم تقاضي فوائد وعمولات عليها؟
فحتى وإن كانت نسبتها ١٪ فهي تعتبر عبئاً على الطالب بالظروف الاقتصادية والمعيشية الضاغطة على الجميع!
فهل الهدف تقديم خدمة ومساعدة للطلاب أم التربح من جيوبهم؟

الضمانات إعاقة وبوابة محسوبية وفساد!

علاوة على ذلك فقد تم تكريس موضوع الضمانات مقابل الحصول على القروض والإعانات، مع العلم أنه ربما يكفي أن يكون طالباً مسجلاً بأحد فروع الجامعة ليستفيد من مزايا الهيئة المحدثة!
فبراءة الذمة من المصرف الطلابي شأن متبع، وهو كافٍ لتحصيل أية ذمم مستحقة وغير مسددة من الطلاب بحال النية بتسهيل الأمر عليهم في الحصول على القروض، بمعزل عن الضمانات!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن موضوعة الضمانات والكفالات ربما تكون فرصة وبوابة لتغول المحسوبية والوساطة والفساد!
والنتيجة المتوقعة أن الضمانات ستكون إعاقة لتعقيد إمكانية استفادة الطلاب من القروض والإعانات، وبالتالي تقليص أعداد المستفيدين من الصندوق كشريحة مستهدفة، وبحيث تبقى لكل طويل عمر أو لكل من لديه وساطة، أو عبر قنوات الفساد، أي حلم غير قابل للتحقيق بالنسبة للغالبية المفقرة من الطلاب!

المليارات ستجبى من جيوب الطلاب!

جاء في القانون رقم 16 للعام 2023 أن جزءاً من واردات صندوق التسليف الطلابي هي من خلال طابع رمزي خاص، أوضحت المادة 11 تفاصيله بحسب التالي، يحدث طابع خاص بالصندوق باسم «طابع التسليف الطلابي» قيمته 1000 ألف ليرة سورية يخصص ريعه لدعم أنشطة الصندوق.
‌وتحدد مطارح استخدام الطابع وفق الآتي عند طلب التسجيل السنوي في الجامعات الحكومية والمعاهد العليا والمعاهد التقانية والجامعة الافتراضية والمؤسسات التعليمية الخاصة لمرحلة ما بعد الدراسة الثانوية- عند طلب الحصول على السكن الجامعي- عند طلب الحصول على شهادات التخرج في الجامعات الحكومية والمعاهد العليا والمعاهد التقانية والجامعة الافتراضية والمؤسسات التعليمية الخاصة لمرحلة ما بعد الدراسة الثانوية- عند طلب التسجيل في الدراسات العليا ودراسات التأهيل والتخصص في الجامعات الحكومية والمعاهد العليا والجامعة الافتراضية والمؤسسات التعليمية الخاصة لمرحلة ما بعد الدراسة الثانوية- عند طلب معادلة شهادات المعاهد والشهادات الجامعية (إجازة- دبلوم – ماجستير- دكتوراه)- عند طلب الحصول على المصدقات أو كشوف العلامات بمختلف أنواعها- عند طلب تصديق أي وثيقة أو كشف علامات أو شهادة أو مصدقة أو قرار في الجامعة أو المعهد أو الوزارة- عند طلب التسجيل في المفاضلات بجميع أنواعها (تعليم عام – مواز – مفتوح – افتراضي – دراسات عليا – دراسات تأهيل وتخصص – معاهد – مدارس تمريض – جامعات خاصة)- عند تقديم طلبات الاشتراك في المسابقات والإعلانات للإيفاد أو التعيين في الوزارة والجهات التابعة لها- جميع الطلبات التي تقدمها الجامعات الخاصة من أجل الموافقة على (تجهيزات أو مواد أو وسائط نقل، إحداث اختصاص أو كلية، زيادة مساحة الجامعة، زيادة الطاقة الاستيعابية، تعديل الخطة الدراسية، تعديل الأنظمة، معادلة الشهادة لأعضاء الهيئة التعليمية والعاملين في الجامعة)- عند التقدم للاشتراك في المناقصات وطلب عروض الأسعار المعلن عنها من قبل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.
الملفت بالبنود أعلاه هو اعتبار 1000 ليرة كمبلغ «رمزي» لقاء كل ورقة أو طلب يحتاجه الطالب من الجامعة، كمروحة واسعة جداً لمطارح جباية باسم الطابع المحدث من جيوب الطلاب، وحرفياً كل ورقة أو طلب يحتاجها الطالب في حياته الجامعية!
والحديث هنا عن مليارات من الإيرادات السهلة لصالح الهيئة المستقلة، يحمل أعباءها جميع الطلاب الجامعيين خلال مراحل دراستهم الجامعية وسنواتها، سواء استفاد هؤلاء من الهيئة المحدثة وصندوقها أم لا!
وبحسبة بسيطة اعتمدنا من خلالها على بعض تصريحات وزارة التعليم العالي مطلع العام الحالي، والتي أوضحت أن عدد الطلاب الجامعيين في الجامعات الحكومية والخاصة يقدر بحدود مليون طالب جامعي، فإن عمليات التسجيل السنوية لهؤلاء فقط ستحقق إيراداً سنوي من الطابع المحدث يعادل مليار ليرة سورية لصالح صندوق التسليف الطلابي، ومن إجراء واحد فقط هو عملية تسجيل هؤلاء!
وعند النظر لمسيرة الطالب التعليمية نجد أن كل طالب، وخلال السنة الواحدة، يحتاج لتقديم ثلاث طلبات كحد أدنى، وستعود بإيراد سهل وقدره ثلاثة مليارات ليرة سنوياً بالحد الأدنى باسم الطابع المحدث ولمصلحة الصندوق!
وأمام هذه العائدات المليارية الضخمة سنوياً، والمجباة من جيوب الطلاب، نتساءل عن الفوائد المرجوة من الهيئة المحدثة، وهل هي فعلاً لدعم الطلاب خلال مسيرتهم العلمية وتخفيف الأعباء عليهم، أم لتحقيق الأرباح السهلة من جيوبهم؟!
بمطلق الأحوال ما علينا الا انتظار التعليمات التنفيذية للقانون الجديد لمعرفة ما هي نوعية الضمانات أو الكفالات المطلوبة من الطالب من أجل الحصول على القروض، وما هي نسبة الفوائد التي ستترتب عليها، وكم الشريحة المستهدفة سنوياً من الصندوق، وبعدها ربما يكون لنا حديث مستجد!

معلومات إضافية

العدد رقم:
1144
آخر تعديل على الخميس, 19 تشرين1/أكتوير 2023 16:05