التفريط بأملاك الدولة باسم الحماية والاستثمار!

التفريط بأملاك الدولة باسم الحماية والاستثمار!

وافقت الحكومة على الصك التشريعي الخاص بإحداث هيئة عامة لإدارة وحماية أملاك الدولة، وذلك بحسب ما ورد عبر صحيفة تشرين بتاريخ 9/10/2023 نقلاً عن مصادر خاصة!

مشروع الصك التشريعي أعلاه سبق أن تم نقاشه في الحكومة بتاريخ 18/3/2023، تحت مسمى «الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة»، وذلك بهدف «حماية وإدارة أملاك الدولة الخاصة بالشكل الأمثل، وصيانتها واستثمارها بما يحقق موارد ثابتة ودائمة للخزينة العامة للدولة».
وكذلك سبق أن تم الإعلان عبر الصفحة الرسمية لمجلس الشعب بتاريخ 18/6/2023، أي بعد ثلاثة أشهر تقريباً، بما يلي، أحال المجلس مشروع القانون المتضمن إحداث الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لبحث جواز النظر به!
ما يعني أن مجلس الشعب قد أعاد مشروع الصك التشريعي للحكومة بعد وضع ملاحظات لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية عليه، وكذلك يعني أن الحكومة الآن قد أنجزت المطلوب بهذا الشأن، ووافقت على المشروع بحلته الجديدة، ليصار إلى إحالته مجدداً إلى مجلس الشعب!
وكذلك تجدر الإشارة إلى أن قاسيون أفردت مادة بعنوان «الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة.. هيكل حكومي جديد.. للخصخصة المبطنة أم للتفريط باسم الاستثمار!» بتاريخ 19/3/2023، سنقف عند بعض ما ورد فيها في متن مادتنا الحالية!

مزيد من التفاصيل!

بحسب صحيفة تشرين حول الأسباب التي دعت إلى إنشاء هذه الهيئة، ذكر المصدر أن إحداثها جاء في إطار برنامج الإصلاح الإداري للهياكل التنظيمية للجهات العامة في الدولة وتنفيذاً لقرارات لجنة البنى التنظيمية في وزارة التنمية الإدارية، حيث صدر الهيكل التنظيمي لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ولم يظهر من خلاله مديرية أملاك الدولة.
وفي تفاصيل الصك التشريعي، بحسب المصدر أيضاً، ترتبط هذه الهيئة بوزير الزراعة، علماً أن مدير الهيئة هو آمر التصفية والصرف وعاقد للنفقة، كما يجوز إحداث فروع لها في المحافظات بقرار من الوزير ومجلس إدارة الهيئة، الذي يمارس مهامه بإقرار الإستراتيجيات والخطط السنوية المتعلقة بإدارة وحماية عقارات أملاك الدولة الخاصة والإصلاح الزراعي وتحديد أولوياتها، وإقرار مشروع الموازنة السنوية للهيئة واقتراح مشاريع القوانين والأنظمة الخاصة بعمل الهيئة وغيرها من الأمور.
على ذلك فإن هناك تأكيداً على أن مسؤولية الهيئة المزمع إحداثها هي عقارات أملاك الدولة الخاصة والإصلاح الزراعي معاً، أي مروحة واسعة من الأملاك!
لنعيد التذكير هنا في ما يعنيه إحداث هكذا هيئة، حيث يعني تجميع كل أملاك الدولة في يد هيئة واحدة، من ثم إعطاء هذه الهيئة الصلاحية لإدارتها والاستفادة منها استثماراً، وهو ما اعتدنا به حول الحديث الحكومي عن مشاريع الاستثمار وتأمين الموارد، بغض النظر عن العنوان الذي تصدر به، والمبررات المَسوقة لها، ويعني فيما يعنيه تمريرَ مصالح كبار أصحاب الأرباح فقط لا غير، على حساب بقية الشرائح الاجتماعية، والمفقرين خاصة، كما على حساب المصلحة الوطنية، خصخصةً معلنة ومبطنة، أو تفريطاً وتخلّياً عن الحقوق والواجبات، توافقاً مع سياسات اللبرلة المعتمدة، وتنفيذاً لها!
ولا جديد بهذا الصدد، فكل ما صدر من قوانين وتشريعات خلال العقود والسنين الماضية، وكل ما تعمل عليه الحكومة على المستوى التنفيذي، هو تأمين مصالح هذه الشريحة على طول الخط!

ما هي أملاك الدولة الخاصة؟

تجدر الإشارة إلى أن ما يقصد بأملاك الدولة الخاصة قد وضحه القانون رقم 252 لعام 1959، والذي عرّف أملاك الدولة الخاصة بأنها «العقارات المبنية وغير المبنية، والحقوق العينية غير المنقولة، التي تخص الدولة بصفتها شخصاً اعتبارياً بموجب القوانين والقرارات النافذة، سواء أكانت تحت تصرفها الفعلي أم تحت تصرف أشخاص آخرين».
وهي تشمل ما يلي:
الأراضي الأميرية (التي تكون رقبتها للدولة).
العقارات المسجلة في السجلات العقارية أو دفاتر التمليك باسم الدولة.
والعقارات المقيدة في سجلات دائرة أملاك الدولة.
العقارات المتروكة المرفقة، وهي التي يكون لجماعة ما حق استعمال عليها.
الأملاك العامة التي زالت عنها صفة المنفعة العامة.
العقارات المحلولة، والتي تنشأ عن تركات لا وارث لها، أو لها وارث لا تنطبق عليه قوانين التملك، أو الناشئة عن إهمال استعمال الأراضي الأميرية خمس سنوات.
العقارات التي تشتريها الدولة.
الأراضي الموات والخالية.
الجزر والأراضي التي تتكون بصورة طبيعية في المياه العامة.
الجبال والحراج والغابات والمقالع والمرامل غير المسجلة باسم الأفراد.
العقارات التي تؤول للدولة بحكم القوانين النافذة.
جميع العقارات والأراضي التي لم يثبت ملكية أو تصرف الأفراد لها بسبب صحيح تجيزه القوانين النافذة قبل صدور هذا القانون.

مروحة واسعة للاستثمار والتربح!

وإذا تركنا جانباً فكرة «حماية أملاك الدولة» التي ستعنى بها الهيئة المزمع إنشاؤها، والتي تحميها بالأساس سلسلة من التشريعات والقوانين (القانون المدني- قانون العقوبات- قانون الأملاك البحرية وقانون الحراج وغيرها) فان الدور الجديد المزمع لهذه الهيئة هو استثمار كل الأملاك الخاصة للدولة بالإضافة إلى أملاك الإصلاح الزراعي، وهي لا شك فرصة استثمارية مربحة ستقدم على طبق من ذهب لأصحاب الأرباح، بعد أن كانت بعهدة ومسؤولية الكثير من الوزارات والجهات الحكومية والرسمية، لإدارتها على مستوى حسن الاستثمار والريع والموارد افتراضاً!
فهل ستكون الهيئة المزمع إحداثها مجرد إضافة إلى قائمة الهياكل الإدارية السابقة أعلاه، أي زيادة في الترهل وتضخيم الهياكل الحكومية؟
أم إن المطلوب من إحداثها زيادة الصلاحيات على صعيد الاستثمار؟
أي طرح كل أملاك الدولة تباعاً نحو الاستثمار وفق رغبات مصالح كبار أصحاب الأرباح والفساد والنفوذ الكبير في البلاد!
ونختم مع ما ورد بقاسيون في المادة المشار إليها أعلاه: «عبارة «حماية وإدارة أملاك الدولة» ربطاً مع عبارة «واستثمارها بما يحقق موارد ثابتة ودائمة للخزينة العامة للدولة»، ووفقاً للنهج الحكومي التفريطي المعمول به، تعني أن الحكومة ماضية بسياسات الخصخصة، المباشرة وغير المباشرة، تحت عناوين الاستثمار وبذريعة الموارد، وبما يضمن المزيد من المصالح لكبار أصحاب الأرباح طبعاً، وهذه المرة على حساب كل أملاك الدولة الخاصة!».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1144
آخر تعديل على الخميس, 19 تشرين1/أكتوير 2023 16:07