عادل إبراهيم عادل إبراهيم

العداء مع كل ما هو أخضر في العاصمة

مشاريع استثمارية سياحية جديدة تم الإعلان عنها وسط دمشق، وهذه المرة في كل من منطقة كيوان، ومنطقة بساتين العدوي «البارك الشرقي»، وكلتا المنطقتين تعتبران من المتنفسات القليلة المتبقية في العاصمة، والمأهولة نسبياً من قبل بعض الشاغلين.

فقد كشفت وزارة السياحة، بحسب موقع الاقتصادي بتاريخ 28/11/2019، عن مشروع الحديقة البيئية ضمن كيوان، والسكن البديل لشاغلي المساكن العشوائية في المنطقة، حيث نقل عن مدير التخطيط السياحي في الوزارة قوله: «إن مساحة الحديقة البيئية 150 دونماً، وسيخصص منها 10% للاستثمار السياحي كإقامة أنشطة ترفيهية وكافتريا مع تِرّاسات وفندق تراثي».

15 دونماً والباقي للتخديم الاستثماري

الـ10% المذكورة كنسبة من إجمالي المساحة المخصصة للحديقة البيئية تعني 15 دونماً عملياً، ستكون مخصصة للاستثمارات السياحية، طبعاً دون تحديد مكان هذه الاستثمارات وتوزعها داخل هذه الحديقة، بمعنى آخر إن المساحات المتبقية لن تكون إلا فسحات إضافية لتستفيد منها الاستثمارات المعلن عنها أعلاه كمساعدات لتخديم الاستثمارات، ولا ندري ما يمكن أن يضاف لاحقاً من استثمارات إضافية أيضاً، خاصة وقد أضاف مدير التخطيط بأن: «الوزارة ستعلن عن المشاريع الاستثمارية لاحقاً، ويحق للقطاع الخاص التقدم إليها، وفق الشروط تحددها الوزارة بالتوافق مع المحافظة».
ولعل التشكيك بالنتيجة الاستثمارية فيه الكثير من المشروعية، خاصة وأنَّ لدمشق تجربة سابقة بهذا المجال في حديقة تشرين المقابلة للمشروع البيئي المنتظر في منطقة كيوان، حيث تزايدت مشاريع الاستثمار فيها على حساب مساحتها الخضراء كمتنفس لدمشق وأهلها وروادها، بالإضافة إلى أمثلة كلِّ المشاريع الاستثمارية التي تطغى على الحدائق العامة في المدينة، مثل فندق الداما روز، والفور سيزن وواقع الحدائق المحيطة بهما، وغيرها من الحدائق الأخرى، وعلى وجائب البلديات والمباني الخاصة وأسطحتها أيضاً.

البارك الشرقي مجدداً

كما نقلت صفحة «فيسبوك» التابعة لموقع «إعمار سورية» بتاريخ 29/11/2019، خبراً يقول إن: «محافظة دمشق تدرس طرح مشاريع استثمارية ضمن منطقة البارك الشرقي (بساتين العدوي) بعد جرد المخالفات والإشغالات والتعديات الموجودة فيها»، ولم يتم التأكد من مضمون الخبر أعلاه، ولا عن حيثيات ومضامين الاستثمارات المخططة من قبل المحافظة لهذه المنطقة الكبيرة، لكن ذلك لا ينفي ما قد تكون النية لدى المحافظة بشأنها أيضاً، خاصة وقد سبق وأن جرى الكثير من الأحاديث عن مشاريع استثمارية فيها خلال العقود الماضية، والسنين القريبة أيضاً، علماً بأن هذه المنطقة تعتبر من أكبر المتنفَّسات داخل العاصمة، وفيها الكثير من العائلات المقيمة بداخلها، كما أنها ما زالت بغالبيتها أرضاً زراعية تنتج الكثير من المنتجات الزراعية والحيوانية أيضاً.
لن نخوض بالمشاكل التاريخية التي جرت على هامش وضع اليد على هذه المناطق، ولا عن ملابساتها الحقوقية والقانونية، لكن بمطلق الأحوال يمكن القول إن هناك محظيين من مستثمري القطاع الخاص سيستفيدون من العروض الاستثمارية السياحية بلا شك، وعبارات المتنفسات والبيئة وغيرها لن تكون إلا تغطية تجميلية للتغوّل الاستثماري في هذه المناطق، على حساب الأشجار المتبقية فيها، وكأن هناك عداءً مع كل ما هو أخضر وطبيعي في العاصمة؟!
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما المانع من تأهيل هذه المناطق، التي تعتبر بساتين وأراضي زراعية بالأصل، بعيداً عن كل أشكال الاستثمار والتربُّح، بحيث تبقى متنفسات طبيعية داخل العاصمة؟ أم إن ذلك يعتبر «رجساً شيطانياً» لا تقربه المحافظة والسياحة؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
942
آخر تعديل على الإثنين, 02 كانون1/ديسمبر 2019 13:43