نحو التشاركية بسرعة سِرّ!

نحو التشاركية بسرعة سِرّ!

لم يقف تسارع الأداء الحكومي عند عنوان «إصلاح القطاع العام الاقتصادي»، وما رشح عن مضمون اجتماع لجنته خلال الأسبوع الماضي، فقد عقد «المجلس الأعلى للتشاركية» اجتماعه الثاني بداية هذا الأسبوع بتاريخ 26/10/2019، وبحسب الموقع الرسمي للحكومة، فقد حدد هذا الاجتماع «خطوات إنجاز مشاريع التشاركية بالتعاون مع القطاع الخاص»، ليظهر تكامل التوجه الحكومي المتسارع نحو الخصخصة.

فقد أكد رئيس مجلس الوزراء خلال الاجتماع «التشاركي»: «أنه وفي ظل محدودية الموارد لابد من اتخاذ خطوات سريعة واستثنائية لاستنهاض أموال القطاع الخاص كونه يمثِّل مدخلاً هاماً لتحقيق التنمية»، مضيفاً: «الحكومة عدلت قانون التشاركية وأصدرت التعليمات التنفيذية له وعملت على توظيف القانون لإنتاج مشاريع بالتشاركية مع القطاع الخاص، لكن الخطوات بهذا الاتجاه ما زالت بطيئة ولم ترتق إلى رؤية الحكومة بنشر هذه الثقافة الاقتصادية لإقامة مشاريع استثمارية بالتشاركية مع القطاع الخاص لتحقيق نمو اقتصادي حقيقي».

للقطاع الخاص دور محدود وموجه فقط

لا شكّ أن للقطاع الخاص دوره وأهميته ووزنه، وخاصة الصناعي والإنتاجي، ولعل ضرورة تسخير إمكاناته واستنهاضها تكتسب المزيد من الأهمية بظروفنا الراهنة، كي يحقق بالتعاون مع بقية القطاعات معدّلات النمو والتنمية المنشودة، وذلك من أجل الإسراع بالخروج من تداعيات الحرب الأزمة على كافة المستويات، وخاصة ذات البعد الاقتصادي الاجتماعي، والوطني.
بالمقابل، فإن الحكومة على ما يبدو لا تجد في القطاع الخاص إلا دوراً وحيداً يتمثل برؤيتها «التشاركية»، وتدفع به نحوه دون غيره، فيما تغض الطرف عن الأدوار الأخرى لهذا القطاع الهام ودورها الحقيقي على مستوى التنمية والنمو، بل وتحدُّ من إمكاناته وفرصه في بعض الأحيان، وخاصة تلك المتعلقة بالتصنيع والإنتاج ومستلزماته وضروراته، حيث ما زال هذا القطاع يعاني ما يعانيه جراء السياسات الليبرالية الحكومية نفسها منذ عقود وحتى الآن.
طبعاً هذا لا ينفي لهاث بعض المستثمرين على «التشاركية»، ويدفعون مع الحكومة تجاهها، بحثاً عن الربح السريع المضمون في مقابل التوظيف المحدود للرساميل، خاصة في ظل المكاسب الأخرى المتعلقة بالضمانات والإعفاءات والقروض، وغيرها من التسهيلات الكثيرة التي تؤمن لهم أعلى معدّلات ربح مضمونة وأسرعها على حساب «قطاع الدولة»، بمؤسساته وشركاته المعروضة «للتشاركية»، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ تصفية هذا القطاع «الدولة»، أو بالحد الأدنى استمرار معاناته وضعفه، يعتبر بالنسبة لهؤلاء هدفاً هاماً «ومعلناً أيضاً»، كي تنفتح لهم وأمامهم الآفاق للمزيد من التغول والتوسع على حسابه، وعلى حساب الاقتصاد الوطني والمصلحة الوطنية بالنتيجة، ولم لا؟ طالما أن السياسات الليبرالية المعتمدة تعتبر الممهِّد الرئيس لهذا الدور والمهام والأهداف!.

السرعة هدف بذاتها!

بالعودة إلى مقررات الاجتماع «التشاركي»، فقد ورد عبر موقع الحكومة ما يلي:
«السؤال الأبرز هو كيف نخطو خطوات أسرع لعرض مشاريع التشاركية؟».
وبحسب الموقع: «خلص الاجتماع إلى تكليف هيئة التخطيط والتعاون الدولي إقامة ورشات عمل للتعريف بقانون التشاركية وشرح كل حيثياته وإجراءات الحكومة بهذا الاتجاه والترويج الإعلامي له، وأن تشمل هذه الورشات جميع الوزارات والاتحادات والمنظمات وسفراء سورية في الخارج ليكونوا شركاء بنشر قانون التشاركية في دول العالم».
أي إن مشروع «التشاركية» الحكومي لا يقتصر على مساعي استقطاب اللاهثين من مستثمري الداخل فقط، بل من أجل استقطاب لاهثي الاستثمار «التشاركي» من الخارج أيضاً، مع إيلاء عامل الزمن الأهمية بهذا المجال أيضاً وأيضاً، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود بعض المشاريع المقدمة لهيئة التخطيط والتعاون الدولي بهذا الشأن، وذلك من قبل وزارات (النقل- الكهرباء- الإدارة المحلية- الصناعة- السياحة)، حيث تم «تحديد مهلة 30 يوماً لإتمام دراسة الجدوى الاقتصادية والآلية التنفيذية لهذه المشاريع وفق قانون التشاركية».
الجليّ، أن هناك «خطوات سريعة واستثنائية» من قبل الحكومة بما يخص مشاريع «التشاركية» كما ورد أعلاه، أما تغليف هذه السرعة والاستثناء بعبارة: «ضرورة أن يتوافق كل مشروع مع الخطة الوطنية للدولة»، كما ورد في متن عرض مضمون الاجتماع على الموقع الحكومي، فهذا ربما بحاجة للكثير من التدقيق، وخاصة بما يتعلق بمفردة «الوطنية» ضمن هذا التوجه الليبرالي الفج، الرامي إلى خصخصة «قطاع الدولة» أو تصفيته، وبسرعة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
937
آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين1/أكتوير 2019 13:43