ستالين سليمان ستالين سليمان

مواصلات الدرباسية

يضطر أهالي مدينة الدرباسية التابعة لمحافظة الحسكة، ونظراً لصغر مدينتهم، إلى قصد مدن أخرى والتي تعد مدن رئيسة في المحافظة مثل: (الحسكة والقامشلي)، ذلك لأسباب عديدة منها «الجامعات والمشافي والوظائف...ألخ».

ينتقل أهالي الدرباسية من وإلى مدينتهم عن طريق سرافيس تربط الدرباسية بباقي مدن المحافظة، مثل: (الحسكة- القامشلي- عامودا- رأس العين)، وتتراوح تعرفة الركوب لهذه السرافيس ما بين 200- 400 ليرة بحسب الخط.

22 ألف ليرة أجور نقل شهرية

يعتمد غالبية طلاب الجامعات على هذه السرافيس التي تنقلهم من الدرباسية إلى الحسكة حيث مجمع الكليات والمعاهد (ليتفادوا التكاليف المرتفعة لاستئجار المنازل) خصوصاً أنّ المسافة بين المدينتين تعتبر متوسطة نسبياً، فقد تستغرق حوالي الساعة من الزمن فقط، حيث يقضي هؤلاء جزءاً من فترة دراستهم على الطرقات بشكل يومي، ويدفعون أجرة هذه الرحلة 800 ليرة ذهاباً وإياباً، أي: إن الأهالي يدفعون شهرياً 17600 ليرة أجرة سرافيس فقط، مع العلم بأن تعرفة الركوب هذه هي فقط من كراج الدرباسية إلى كراج الحسكة وبالعكس، عدا عن أجرة النقل الداخلي في الحسكة لكي يصلوا من كراج الحسكة إلى جامعتهم وبالعكس، والتي تبلغ 100 ليرة ذهاباً وإياباً (هذا إذا افترضنا أنّ الطالب ينتظر يومياً سرافيس النقل الداخلي في الحسكة، دون أن يضطر إلى أن يستقل وسائط نقل أخرى مثل الدراجة النارية، الذي تبلغ أجرته 300 ليرة أو التكسي الذي يتقاضى 500 ليرة)، أي: أن المبلغ المدفوع على أجرة الطرقات فقط يصل إلى 22 ألف ليرة شهرياً، وهذا المبلغ الشهري لا شك يعتبر كبيراً على ذوي الطلاب، خاصة في ظل الواقع الاقتصادي المعيشي المتردي، طبعاً عدا عن تكاليف الدراسة الأخرى.
أما الموظفون فحِّدثْ ولا حرج، فالكثير من أبناء الدرباسة يحصلون على وظائف في مدن أخرى من المحافظة بأجر يتراوح بين 40-60 ألف ليرة في دوائر الدولة أو دوائر «الإدارة الذاتية»، فإذا ما خصمنا المبلغ المذكور أي الـ22 ألف من هذا الأجر بدلاً عن أجرة المواصلات، فماذا يتبقى منه لبقية مستلزمات وضرورات الحياة الأخرى، وكيف لهذا «الموظف المنتوف» أن يستكمل حياته!؟.
معظم المواطنين الذين التقت بهم قاسيون صبوا جام غضبهم على السائقين، وخصوصاً أنهم يتقاضون 400 ليرة بدلاً من 350 ليرة «لأنو ما في خمسينات نرجعلكون» وهؤلاء محقون في ذلك!.

وللسائقين هموم أخرى

على الطرف المقابل ولكي نكون منصفين، لا بدَّ من نقل معاناة السائقين أيضاً.
أحد السائقين يعمل على سرفيس يتسع لـ 11 راكباً يقول لقاسيون: «إذا لعب معي الحظ ورحت باليوم سفرتين روحة رجعة، وبعد ما أخصم حق المازوتات والزيتات وأعطال السيارة، بيطلع صافي ربحي حوالي 7000 ليرة باليوم، بس غالباً بطلع سفرة وحدة باليوم بهيك حالة بكون مربحي 1000 ليرة بس، لأن تكاليف السيارة اليومية ما بتتغير)، هذا إذا ما افترضنا بأن هذا السائق يعمل بشكل يومي، حيث إن عمل السرافيس كما هو معروف يكون بالدور، ونظراً لكثرة عدد هذه السرافيس (حيث بلغ عددها على خط درباسية- حسكة حوالي 80 سرفيساً) فبهذه الحالة يصعب على سائق واحد أنْ يحصل على دورين باليوم.
يقول السائق نفسه: «في 80 سيارة على هالخط يعني صايرة شغلة يلي مالو شغلة من قلة فرص العمل.. الله وكيلك عم أشتغل يوم واقعد أسبوع لبين ما يرد يوصلني الدور».
وتعقيباً على ما يتكبده المواطن شهرياً بدلاً لأجور النقل، يقول سائق آخر، يعمل على خط درباسية- رأس العين، والذي يضم 13 سيارة: «إذا جوز الدواليب حقو 50 ألف، هاد أقل عطل بالسيارة، شو بدها تعمل الـ 22 ألف!؟ وما شاء الله على هالطرقات يلي متل الحرير، بدك كل كم شهر طقم دواليب يعني 100 ألف ليرة» ويتابع قائلاً: «إذا بدي أعتمد على هالسيارة كنا شحدنا من زمااان بالشوارع أنا وولادي، بس الحمدلله ولادي عم يشتغلوا برا وعم يبعتولي، بس عم ضيّع وقت على هالسيارة وتاركها للزيارات».

عشوائية وارتجالية

بعد هذا السرد يتبين بأن تعرفة الركوب، وتنظيم دور عمل السرافيس وتوزيع خطوطها، والمعتمدة من قبل «الإدارة الذاتية»، ذات طابع عشوائي وارتجالي، ودون أية دراسة لواقع المواطن الاقتصادي والمعيشي، الأمر الذي يجعل كلاً من المواطن والسائق رهينة للقرارات العشوائية التي تتخذ على مزاج واضعيها.
فالسائق، لا يستطيع أن يعيش هو وأولاده عيشة كريمة من مصدر رزقه هذا، رغم كل التعب والخطورة التي ترافق هذه المهنة، وأما المواطن، فتنفتح عليه طاقة أخرى من طاقات واقعه المتأزم، فلا يستطيع إغلاقها في ظل محدودية دخله وإمكاناته، وهذا ما يفرض إيجاد حلول تصبّ في مصلحة الطرفين من قبل الجهات «المعنية والمسؤولة» افتراضاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
923
آخر تعديل على الإثنين, 22 تموز/يوليو 2019 12:54