«النقل الداخلي» في دمشق : فوق هَمّي كَمّلوني..!

«النقل الداخلي» في دمشق : فوق هَمّي كَمّلوني..!

هناك مثل شعبي يقول: «فوق همي كملوني». وهذا هو حال المواطن السوري، لا يعرف من أين وممن يأكل الصفعات، الصفعة تلو الصفعة.. غلاء الأسعار أم فقدان ابن أو أخ أو جار.

الصفعات كثيرة، وصفعة النقل الداخلي ليست الأولى وليس الأخيرة. هي همّ من هموم كثيرة، فأنى اتجهت تجد أكواماً من الناس بلحمها ودمها وشحمها، تتراكض وتتسابق نحو أي سيارة سرفيس قادم، أكواماً من البشر، شيوخاً ونساء وأطفالاً، شباناً وصبايا، والمطلوب سيارة «سرفيس» تنقلهم إلى عملهم، أو بيوتهم.

أين الرقابة مما يجري؟

أسعار كاوية، ورغم ذلك سيارة «السرفيس» صعبة المنال، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة:

أين وزارة النقل ومديريات التموين واللجان المرورية وشرطة المرور من ذلك..؟

هل هم غائبون عمداً أم مغيبون أم أنّ كلّ شيء بثمنه..؟

شركات النقل الداخلي القائمة على قانون الاستثمار رقم /10/ وتعديلاته، هل كان ذلك لحل جميع معضلات النقل الداخلي، ومساهمة القطاع الخاص بذلك، أم أنه ليزداد الأثرياء ثراءً..؟

الأرباح والتحايل

لماذا لا تلزم وزارة النقل هذه الشركات بتسيير رحلات إلى ضواحي دمشق وريفها، طالما يتعذر لشركة النقل الداخلي الحكومية القيام بذلك، أم أن شركات القطاع الخاص تأخذ فقط ولا تعطي..؟ رغم أن أرباحها كبيرة ومعفاة من الضرائب لمدة عشر سنوات، ويتم التحايل كثيراً لزيادة سنوات الإعفاء.. أم أن هذه الشركات لها وضع خاص عند ذوي الشأن.!

ورغم الشكاوى المتكررة عن ارتفاع أسعارها فلا أحد يُحركُ ساكناً.. هل لأن المسؤول الفلاني شريكاً لهذه الشركة أو تلك «لا سمح الله».. وكل شيء في هذا الوطن أصبح جائزاً بفضل السياسات الليبرالية والأزمة. 

ثلث الراتب للنقل!

ما زال التعامل مع المواطن على أساس أنه مجرد مخلوق ناطق عليه الكثير، وليس له شيء. هذا المواطن الذي يضطر لصرف ثلثي راتبه على النقل الداخلي، فقد بلغت أجرة الراكب في تكسي «السرفيس» وعلى سبيل المثال: من الشام إلى قدسيا مائتي ليرة سورية ذهاباً، ومثلها إياباً، أي ما يساوي /12000/ ل.س اثني عشر ألف ليرة شهرياً إذا كان وحده، فما بالك إذا كان عنده طلاب مدارس أو جامعات وغير منتجين ماذا سيبقى له من الراتب، ثمّ لماذا لا تقوم وزارة النقل بإصدار تعرفة النقل بالتكسي «السرفيس»، طالما أجازت ذلك وسمحت به، قد يقول قائل: «هناك المكاري». ونحن نقول: «أين هي فقد تقلص عددها، وقسم كبير منها قام أصحابها بتحويل خطوطهم إلى خطوط أكثر سهولة، وأقل حواجز..».

ألا تكفي هذه..؟

ألا تكفي هذه الدماء التي تسيل، وهذا الخراب الفظيع، والدمار المرعب والمخيف.. أم أن الفساد مازال سيد الموقف والذي قلنا ومازلنا نقول: إن الفساد جسر عبور للعدو الخارجي على ما يبدو وممرات لهذا العدو مازالت مفتوحة من قبل الفاسدين أعداء الوطن والمواطن، وفوق همّي كمّلوني.