حصار «وهمي» لمحافظة الحسكة وارتفاع الأسعار
قحطان العبوش قحطان العبوش

حصار «وهمي» لمحافظة الحسكة وارتفاع الأسعار

يثير منظر «البطيخ الأحمر» الذي تبيعه بعض المحلات في مدينة القامشلي عشية عيد رأس السنة الكثير من التساؤلات حول ماهية الحصار المفروض على محافظة الحسكة في ظل أزمة البلاد، وتكشف جولة على أسواق المدينة توفر كامل المواد الغذائية والطبية والخدمية بشكل يفوق الطلب ولكن بأسعار جنونية

تعكس الأسعار المرتفعة في المحافظة مفهوماً جديداً لحصار المدن يتضمن توفر كل المواد الأساسية والكمالية وفوق الكمالية بغض النظر عن أي ظرف سياسي أو عسكري، وهو ما يمكن ملاحظته في سوق يبيع «البطيخ الأحمر» في فصل الشتاء.

بورصة الأسعار..

تتوفر في أسواق القامشلي كل أنواع المواد الغذائية من زيوت وسكر وحبوب وبقوليات ومعلبات ولحوم وبيض وغيرها، والسعر المحدد لكل مادة يتغيّر وفقاً لسعر الدولار وحالة الطقس والمبالغ التي يدفعها التجار على الطرق لضمان وصول البضائع، وهذه الأسعار بأفضل الظروف تزيد بنسب مختلفة عن الأسعار الرسمية أو أسعار أسواق العاصمة.
وخلال أسبوع من متابعة الأسعار تبيّن أن المواطن يشتري من البائع النهائي كيلو سكر أبيض بسعر 150 ليرة، ويشتري صحن البيض بسعر 750 ليرة، وكيلو الفروج الحي بـ 450 ليرة، وليتر الزيت النباتي بـ 200 ليرة، وكيلو البندورة والبطاطا بسعر 170 ليرة، فيما وصل سعر كيلو البرتقال إلى 100 ليرة.
والأسعار السابقة ليست بأعلى مستواها، ووصلت لضعفي ما وصلت إليه الآن في وقت سابق، ويقول التجار الرئيسيون بسوق القامشلي إن المبالغ الكبيرة التي يدفعونها على الطرقات كأجرة شحن مؤمن تتحكم بالأسعار بشكل رئيسي ولا سيما بعد استقرار سعر صرف الدولار.

تحرير الأسعار يطال الدواء

في حين لا يكتفي الصيدلي بإضافة زيادتين رسميتين لسعر الدواء أقرتهما وزارة الصحة بنسب مختلفة، بل يضيف بشكل روتيني نسبة 10 بالمئة على كل علبة دواء كتكاليف شحن إضافية تفرضها مستودعات الأدوية في فاتورة المبيع.
إلا أن الحال تبدو جيدة مقارنة مع كثير من أصناف الأدوية غير محددة الأسعار بحجج كثيرة منها أن المعمل خارج الخدمة، وهذه الأصناف تباع بشكل حر وترتبط بعوامل الدولار والطقس والطريق.

بسطات المحروقات..

ترسخت في المحافظة منذ نحو عامين سوق جديدة للمحروقات لا ترتبط بأسعار المحروقات وأنواعها التي اعتاد عليها السوريون، فمن ناحية الإنتاج تعمل آلاف العائلات في الريف على تكرير النفط واستخراج البنزين والمازوت منه بطرق بدائية تعتمد على التبخير والتقطير بما تحمله من مخاطر، ومن ناحية البيع لا تخلو أي زاوية من بسطات المحروقات إن صح التعبير.
ومن ناحية الأنواع يوجد البنزين «السوري» المهرب من دمشق بسعر 250 ليرة سورية وكان قبل أشهر قد وصل لسعر 500 ليرة سورية، ولا يباع هذا البنزين في محطات المحروقات لكنه لم يغب يوماً عن المحافظة، إضافة للأنواع التي يكررها الأهالي من بنزين «مكرر» بسعر 100 ليرة، وبنزين «أول حرقة» بسعر 150 ليرة، وبنزين يباع في بعض محطات الوقود بسعر 75 ليرة، وهذه بعض الأصناف وليس جميعها، لكن جميعها ماعدا «السوري المهرب» من دمشق تعد رديئة وتتسبب بأعطال للسيارات.

علانية السوق السوداء!

وعند بسطات المحروقات تباع أسطوانات الغاز بسعر يتراوح بين أربعة وخمسة آلاف للأسطوانة وزن 22 كيلو، ولا يوجد أي منفذ رسمي في المحافظة لبيع أسطوانات الغاز، لكن بسطات المحروقات استطاعت أن تغرق السوق بهذه المادة.
وفي ظل غياب شبه كامل لسوق نظامية أسعارها محددة من المؤسسات العامة ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وأيضاً في ظل غياب الرقابة والمحاسبة، تجد السوق السوداء نوعاً من الشرعية تكسبها مزيداً من التطور والتوسع وزيادة المعروض والتحكم بالأسعار وتحريرها وتحقيق أرباح خيالية عبر استغلال حاجة المواطنين الماسة لتأمين المستلزمات المعيشية.