(خطوة خطوة) في حقل إدلب الملغّم
أكّدت الدول الضامنة في اجتماع أستانة الأخير، على فكرة مفادها: أنّ عملية التسوية في إدلب لن تتم سوى خطوة بخطوة، ولن تتم سوى بعمل عسكري، ولكنه سيكون مختلفاً..
أكّدت الدول الضامنة في اجتماع أستانة الأخير، على فكرة مفادها: أنّ عملية التسوية في إدلب لن تتم سوى خطوة بخطوة، ولن تتم سوى بعمل عسكري، ولكنه سيكون مختلفاً..
لم يعد خافياً مستوى الصراع القائم بين تركيا والسعودية، وليست قضية خاشقجي سوى مفردة واحدة من عدد كبير من مفردات هذا الصراع.
دخلت الملفات السياسية والميدانية المختلفة المتعلقة بالأزمة السورية، ما يشبه حالة من السكون المؤقت منذ اتفاق 17 أيلول من العام الفائت حول إدلب؛ فبعد عام متواصل من الإنجازات المتلاحقة ميدانياً، مع إشارات أولية عن بداية حلحلة ملفات سياسية، بدا وكأن المسارين الميداني والسياسي قد توقفا، أو تجمّدا معاً.
ظهرت خلال الأسبوع الأخير تصريحات مكثفة روسية وتركية وسورية حول اتفاق أضنة الموقع بين سورية وتركيا عام 1998، والخاص بطريقة التعامل المشترك مع حزب العمال الكردستاني... وأبدت تصريحات الأطراف الثلاثة التزامها وموافقتها على الاتفاقية كمنصة انطلاق لمعالجة الوضع في شمال شرق سورية على الأقل، إنْ لم يكن لمعالجة وضع كامل الحدود السورية التركية، كما ينص الاتفاق نفسه.
عاد مصطلح «المنطقة الآمنة» إلى التداول مجدداً بعد أن اختفى لسنوات متتالية، عبر تصريحات مختلفة لترامب وأردوغان وجهات أخرى، والحديث يدور هذه المرة عن شمال شرق سورية، أو أجزاء منه.
لم تبق جهة محلية أو إقليمية أو دولية، إلا وأدلت بدلوها وبتفسيرها ومقاربتها حول ما يثار من حديث عن «منطقة آمنة» أو «عازلة»، شمال شرق سورية، والتي يقال: إنها تمتد على طول 470 كم من منبج حتى المالكية، وبعمق يتراوح بين 5 و32 كم.
يحاول الأمريكان الاستفادة القصوى من التناقضات واستمرار خلق الفوضى والتوتر الحاصل بين الأطراف السياسية والعسكرية الفاعلة في شرق الفرات قبل خروجهم من الأراضي السورية، وهذا ما جرى ويجري من خلال ما تم التصريح به بشأن المكالمة التي جرت بين الرئيسين الأمريكي والتركي، حول إقامة منطقة آمنه بعرض ثلاثين كيلو متراً بهدف منع الاحتكاك بين قوات قسد والقوات التركية، وجاء تأكيد الرئيس التركي على إمكانية تحقيق هذه المنطقة الآمنة في حال تم دعمها من التحالف الدولي.
حذر مجدداً السفير الأمريكي لدى ألمانيا، ريتشارد جرينيل، الشركات القائمة في البلاد من أنهم قد يواجهون عقوبات من واشنطن بسبب مشاركتهم في «مشروع السيل الشمالي 2»، محاولاً هذه المرة الإقناع باستخدام ذريعة «التهديد الروسي».
أثبتت الأسابيع القليلة التي أعقبت الإعلان الأمريكي عن الانسحاب من سورية، صحة ما ذهبنا إليه ولخصناه في نقطتين أساسيتين:
ما تزال آثار إعلان الانسحاب الأمريكي من سورية، قيد التفاعل... وما سيترتب عليه من آثار على مسار حل الأزمة السورية، بل على مسار العلاقات الإقليمية والدولية المتشكلة على أساسها، لا تزال غير واضحة. والمفصل الأساس، هو: تعزيز أستانا والعلاقة الروسية- التركية تحديداً، أم خلق صدع بها؟
أعقب الإعلان الأمريكي تصريحات دبلوماسية روسية رفيعة، تشكك في مصداقية الانسحاب الأمريكي. وعماد هذا التقدير، هو النتائج الإيجابية التي قد تترتب عن انسحاب فعلي أمريكي وسريع... تلك النتائج التي لا تريدها الولايات المتحدة بطبيعة الحال.