عرض العناصر حسب علامة : الفلسفة

عن وحدة وتفاعل وتناسب البنية الفوقية والتحتية وإفلاس العقل المهيمن (2)

في المادة السابقة حاولنا أن نمهد إلى قضية إفلاس العقل الإمبريالي المهيمن وسرديته عن العالم، وحاجته إلى الاستعارة من عدوه لكي يحافظ على حد أدنى من سردية تمنع ما استطاعت عملية تجاوز الرأسمالية، وبيّنا كيف أن الفوضوية والإصلاحية كنموذجين لتيارات التغيير تاريخياً صارت تقريباً متبناة من قبل السردية الرسمية المهيمنة. ولكن هذا يحصل في جانب واحد من الإفلاس، أما الجانب الآخر الذي يأخذ شكل التدمير الناتج عن العدمية والتفكك بين البنية الفوقية والتحتية واتساع الهوة بينهما. وفي هذه المادة سنعالج هذه المسألة التي يشار إليها مؤخراً، ولكن من الضروري التوسّع فيها أكثر.

عن وحدة وتفاعل وتناسب البنية الفوقية والتحتية وإفلاس العقل المهيمن (1)

في هذه المادة نحاول التشديد على التوتر وعلاقة التفاعل الذي يزداد وضوحاً بين البنيتين الفوقية والتحتية للمجتمع على المستوى العالمي (وحدة النظام العالمي)، الذي يجد في احتمالية التشظي الاجتماعي تجسيده الساطع. ومن هنا التأكيد على الحاجة إلى قاعدة لحركة نقيضة تعمل على تحقيق الكامن الموضوعي في البنية الاجتماعية الذي تحاول علاقات البنية القديمة خنق تبلوره وظهوره. هذه الحركة النقيضة الشاملة تُبنى على وحدة العلاقة العضوية بين البنيتين التحتية والفوقية. وكل ذلك هو تجاوز للتيار الاقتصادوي الطاغي في فضاء البحث في الأزمة اليوم، وهو أيضاً دليل على ارتفاع وزن «أممية» المشروع على حساب «قومية» التوازنات. وهذا التمييز سيظل ضرورياً ليس فقط لتبيان مستقبل تطور الحركة على المستوى العالمي، بل لاتخاذ الموقف الصحيح من تموضع القوى الحالي كما هي في حركتها.

هيئة تحرير كليلة ودمنة

كليلة ودمنة كتاب أدبي قصصي فيه من الفلسفة والممارسة السياسية ما هو أكبر من الأدب. في صفحاته وقصصه المكتوبة على شكل حوارات على ألسنة الطيور والحيوانات، اعتراف صريح بدور المعرفة في المجتمعات، وضرورتها لقادة المجتمع.

انهيار «النشاط الرئيسي» والقتل «الرحيم المجّاني»: عن السؤال الملحّ مجدداً

في المواد السابقة تمت الإشارة إلى التقاء مختلف الأسئلة الفكرية التي طرحت عبر تاريخ البشرية على أبواب ولادة العالم الجديد. وهذه الأسئلة في توليفها مجتمعة هي الانعكاس على مستوى الوعي لوحدة القضايا المادية الاجتماعية- الاقتصادية-السياسية التي ترابطت وتعقدت إلى حد ضرورة حلّها المركزي عبر تغيير النظام الاقتصادي السائد. وهذا التوليف لا يعني تواجد الأسئلة جنباً إلى جنب، بل وحدتها ضمن سؤال قضية وحدة الإنسان- المجتمع والانعتاق من الاغتراب، السؤال التاريخي الأساس للكلاسيكيين الجدليين (وضمنا هيغل) الذي حوله بنيت نظرية التغيير الاجتماعي والحرية. وضغط الوقائع يفرض الإجابة الملحّة.

الفلسفة على لسان ماوكلي

ماوكلي Mowgli أو كتاب الغابة Jungle Book اسم لرواية نشرها الروائي البريطاني روديارد كيبلينغ نهاية القرن التاسع عشر. أخذ كيبلينغ ببراعة حكايات وأساطير الهنود وحول تلك الحكايات التراثية إلى رواية إنكليزية شهيرة.

الخط الفاصل للتاريخ وتغيير المجتمعات

إذا ما طرحنا السؤال التالي: هل التاريخ علم؟ لن نستطيع صياغة جواب فعلي على هذا السؤال قبل التمييز بين المفهوم المثالي اللا علمي للتاريخ والمفهوم المادي العلمي للتاريخ. وهنا بالضبط الخط الفاصل الذي يجعل من التاريخ علماً.

نحو سردية جديدة في وجه التهريج والمأساة- المهزلة.. ضمن زمن مضغوط

إن التهريج الملاحظ اليوم ليس فقط على مستوى النخب التي تصارع التحول العالمي بل أيضاً على مستوى السلوك الفردي، هو انعكاس للعجز في التعامل مع الواقع السياسي والفردي. ولكن في مقابل هذا التهريج يتضح النقيض، أي السلوك الساخر من موقع القوة، أو بالأحرى هو موقع من لا يعادي التاريخ، والتاريخ أمامه مفتوح بينما هو مغلق أمام المهرّجين. وفي قلب هذه المعادلة يكمن الزمن المضغوط الذي يشكّل جوهر العديد من المظاهر التي نراها والتي هي ولا شك جديدة في التاريخ.

حزب الفلسفة المنبعثة من الأرض والعمل

يقول مكسيم غوركي في مسرحية «البرجوازيون الصغار» بصدد الحديث عن الفلسفة والموقف منها:
«من الخطأ الاعتقاد بأني أسخر من الفلسفة، بل أنا حزب لفلسفة تنبعث من الأرض ومن أطوار العمل، فتقوم بدراسة الطبيعة وتسخّر قواها في سبيل خدمة الإنسان. وأنا أعتقد بأن الفكر مرتبط أشد الارتباط بالعمل، ولست نصير الفكر بينما نحن لا نحرّك ساكناً، نجلس أو نرقد بدون عمل. وأن كلمة الفلسفة رغم تطور العالم وتقدمه، كان معناها على الدوام هو أنها: نظرة عامة إلى العالم تمدنا بقاعدة للسلوك».

عين «أودين»: تطوير أسلحة الجبهة الفكرية كحاجة ملحّة للعالم الجديد

في مقدمة كتابه «تطور الفكر الفلسفي» الصادر بالعربية عن دار الطليعة بيروت (1988)، ترجمة سمير كرم عن الكتاب الصادر عن دار التقدم موسكو 1978 (والمترجم إلى عدة لغات)، يحاول ثيودور أوزيرمان أن يوضّح ضرورة البحث في تاريخ الفلسفة ضمن ما يسميه العلم الفلسفي التاريخي. وموضوع هذا العلم هو الفلسفة نفسها، والمشكلات التي هي ليست جزءاً من الفلسفة بوصفها هكذا، كالمشكلات التاريخية لبزوغ وتطور الفلسفة، والظروف الاجتماعية التي ترتكز عليها الفلسفة موضوعياً، والجذور المعرفية للفلسفة. وأويزرمان الذي عاش أكثر من قرن من الزمن (1914-2017) بقي مدافعاً عن المادية التاريخية والماركسية بشكل عام حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ما جعل فضاء الأكاديميا والسياسة يعتبره من «الحرس القديم». هو عامل المصنع قبل دراسته، ومتطوعاً في الجيش الأحمر خلال الحرب، ولاحقاً مساهماً أساسياً في تطور الفكر الفلسفي ومنهجياته وبحوثه في الاتحاد السوفياتي، وشخصية أساسية في الثقافة السوفياتية. ويقول أوزيرمان إن هدف العلم الفلسفي التاريخي هو التقدير النقدي لعملية تطور المعرفة الفلسفية كعملية مشروطة تاريخياً، وإدراكها لذاتها. هو يسميها فلسفة الفلسفة أو- بتعبير أدق- ما وراء الفلسفة Metaphilosophy، كمكافئ لما يسمى «فلسفة العلم» أو «علم علم» الذي يعالج التطور التاريخي للعلم وقوانينه.

كل شيء صار على الطاولة وتحديداً: تعريف الإنسان

إن التناقض السياسي، بما هو صراع بين نظامين اجتماعيين وبالتالي بين بنيتين للمجتمع مع كل ما يعنيه ذلك من ميادين الحياة المادية والمعنوية، يشكّل إطاراً يصهر فيه باقي التناقضات، وفي المرحلة الحالية حيث ينطرح على جدول الأعمال تغيير قاعدة المجتمع الطبقي ضمن هذا الصراع، فإن ذلك يعني أنه سيجرّ معه باقي السلسلة. وهذا بالتحديد يعني أن المرحلة الحالية تغلي بكل ما يتضمنه الواقع من تناقضات تحتاج إلى حل، ومن هنا ارتفاع منسوب التوتّر الذي نلمسه في كافة الحقول (الفلسفة والعلوم والفن والعاطفة والأدب...)، وكأن الينابيع المتعددة تلاقت لتشكّل الجدول على حد تعبير لينين، بل إنه النهر الجارف. ولهذا، كل هذه الحقول ستطرح أمامها الإطار الذي سيحكم ممارستها في المرحلة القادمة، ضمنياً أو بشكل صريح. وفي هذه المادة سنحاول أن نقترب من الحقل النفسي الخاص بتعريف الإنسان ما بين «الإنسان الدودة» أو «الإنسان الإبداع»!