افتتاحية قاسيون 1146: كيف يكون لسورية دورٌ فاعل في المعركة؟

افتتاحية قاسيون 1146: كيف يكون لسورية دورٌ فاعل في المعركة؟

نقلت «وكالة العالم العربي» يوم الإثنين 23 من الجاري عن السيد بطرس مرجانة عضو مجلس الشعب السوري ورئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية فيه، قوله: «أعتقد أن الوضع الحالي قد يكون أعقد من أن تقوم سورية بأي عمل عسكري تجاه إسرائيل في الوقت الحاضر».

وليس معلوماً إنْ كان هذا الرأي هو رأيه الشخصي، أم رأي اللجنة، أم أنه تعبيرٌ عن رأيٍ لآخرين صامتين عن قول رأيهم. ولكن بكل الأحوال فإنه قولٌ يدفع إلى الواجهة سؤالاً شديد الأهمية هو: كيف يمكن أن يكون لسورية دورٌ فاعل في المعركة الجارية؟ والتي لا تخص فلسطين وحدها، بل وتخص المنطقة بأسرها، وتخص سورية بالذات، وربما أكثر من غيرها.

قبل محاولة الإجابة، لا بد من وضع تصورٍ واضحٍ قدر الإمكان عن غايات العدو ضمن معركته الجارية، والعدو هنا هو الأمريكي بالدرجة الأولى، و«الإسرائيلي» كإحدى أهم أدواته في المنطقة.

إنّ كلمة السر في فهم ما يريده الأمريكي هي إصراره على ثلاثة أمور معاً:

1- منع وقف إطلاق النار. 2- منع اجتياح بريٍ واسعٍ لغزة. 3- منع توسيع المعركة.

هذه الأمور معاً تعني ضمناً ما يلي:

أولاً: الأمريكي ومعه الصهيوني يعلمان أنّ لحظة وقف إطلاق النار، ليست فقط لحظة إعلان النتائج النهائية للمعركة الراهنة- أي لحظة إعلان الهزيمة الصهيونية الأمريكية- بل وأيضاً هي لحظة البدء بدفع الأثمان السياسية للهزيمة؛ ضمناً خسارة واشنطن لدورها المهيمن في الشأن الفلسطيني وفي كامل منطقتنا، ودخول أطراف دولية أخرى على خط التسوية الفعلية، والبدء بالانحسار الإلزامي للمشروع الصهيوني في منطقتنا، تزامناً مع فتح الباب لإنشاء الدولة الفلسطينية.

ثانياً: لذلك، فإنّ تأجيل لحظة وقف إطلاق النار ليس مجرد تأجيل للهزيمة، بل هو رفعٌ للرهان على أمل تحويل الهزيمة إلى انتصار.



ثالثاً: تحقيق انتصار على غزة وعلى المقاومة فيها وضمناً حماس، هو أمرٌ غير ممكن بأي حالٍ من الأحوال. فلا الحديث عن التهجير قابل للتحقيق، ولا الحديث عن اقتلاع حماس قابل للتحقيق، وحتى الحديث عن الدخول البري الواسع، وبالنسبة لأي عاقل، هو أقرب إلى البروباغندا النفسية بكثير منه إلى الواقع.

رابعاً: وإذاً، فالمطلوب أمريكياً هو معركة طويلة، وطويلة جداً، ليس لتحقيق أهداف ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل لتحقيق أهدافٍ في المحيط الإقليمي بأسره.

بكلمة واحدة، فإنّ الأمريكي يحاول الالتفاف على الهزيمة عبر إبقاء المعركة مستمرة لأطول وقتٍ ممكن، بالتوازي مع تفعيل الفوضى الشاملة في كامل الإقليم، في مصر والسعودية وإيران وتركيا والأردن، إضافة إلى كونها فعالة في سورية وإلى حد ما في لبنان.
مرةً أخرى، هذا كله مشروط بالحفاظ الصارم على الإحداثيات الثلاثية التي يحاول الأمريكي فرضها على الجميع، وفي مقدمتها منع توسيع المعركة.

إنّ انتقال سورية نحو الفعل الحقيقي في المعركة الوجودية لسورية نفسها، وليس فقط لفلسطين، يتطلب توفر الإرادة السياسية اللازمة لذلك، وهذه الإرادة تتطلب تغييراً جذرياً شاملاً فورياً عبر تطبيق القرار 2254، يضع سورية في موقعها الطبيعي، ويسمح لها بكسر العدو التاريخي، مرة وإلى الأبد... فدرجة الهشاشة التي يعيشها الكيان ومعه معلمه الأمريكي اليوم، غير مسبوقة عبر التاريخ.

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1146
آخر تعديل على الأحد, 29 تشرين1/أكتوير 2023 21:42