دليقان: تشكيل اللجنة انتصار للسوريين ولثلاثي أستانا

دليقان: تشكيل اللجنة انتصار للسوريين ولثلاثي أستانا

استضافت فضائية سكاي نيوز عربية يوم 29 أيلول الماضي، الرفيق مهند دليقان عضو اللجنة الدستورية عن منصة موسكو للمعارضة السورية وأمين حزب الإرادة الشعبية، ضمن حوار كان طرفه الآخر هو عضو اللجنة عن الائتلاف السيد ياسر الفرحان.

وفيما يلي ننشر قسماً من المداخلات التي أدلى بها دليقان ضمن الحوار


مغتبطون لعودة المتشددين عن كلامهم

تعقيباً على مشاركة الزميل ياسر؛ فعلاً نحن مغتبطون الآن أن هناك أطرافاً كثيرة كانت سابقاً ترفض اللجنة الدستورية، وتقول إنها من خارج 2254، وهاجمت مؤتمر سوتشي... إلخ، والآن تطرح طرحاً إيجابياً حول اللجنة الدستورية وتقر أنها فعلياً مفتاح باتجاه الحل السياسي، هذا إيجابي وينبغي المتابعة ضمنه. المسألة الثانية بما يخص الخلافات التي يمكن أن تنشأ «تفاءلوا بالخير تجدوه»، نعتقد أن هناك خلافات بطبيعة الحال ستنشأ، لكن السوريين حين يجتمعون مع بعضهم البعض أول مرة عملياً منذ بداية الأزمة أو الكارثة، يمكن لهم وخاصةً في قضية من هذا النوع «قضية الدستور» التي لا تخص بشكل مباشر صراعات سياسية آنية، وإنما تخص مستقبل سورية لعقود قادمة، أعتقد أن حجم التقاطعات والمشتركات بين السوريين على اختلاف تصنيفاتهم السياسية هو حجم عالٍ يسمح بالتقدم بسرعات جيدة.


الدور الريادي لأستانا

الاختلاف بالأجندة (بين الروس والأمريكان) موجود وقائم منذ بداية الأزمة، وهذا ما كررنا الحديث عنه مراراً، وأيضاً تشكيل اللجنة كما تفضل الأستاذ ياسر من البداية وحتى الآن هي مشروع ليس روسياً فقط، هو مشروع لثلاثي أستانا، وما جرى هو انتصار لهذا الثلاثي، وهو تحقيق خطوة باتجاه الحل. ورأينا هو أن المجموعة المصغرة- الغرب وبشكل خاص واشنطن كانت تعيق الوصول إلى هذه اللجنة بأشكال مختلفة وبمساعدة المتشددين من الأطراف المختلفة. ولكن القول بأن اللجنة كانت ضمن ما يسمى المشروع الروسي بأنها كانت فقط تعديلاً للدستور، وأنها تحت قبة البرلمان أو مجلس الشعب في سورية وإلى ما هنالك، هذا الكلام يناقض الواقع ويناقض بيان سوتشي الختامي نفسه، وعمر هذا البيان بات الآن حوالي سنة وتسعة أشهر، يقول البيان لسوتشي «إن ميسر اللجنة هو المبعوث الدولي الخاص وتقوم على أساس القرار 2254»، فليس ما جرى الآن هو جديد، بالعكس المشروع نفسه هو ما تم تحقيقه فعلياً خلال الفترة من المماطلة والعرقلات المختلفة. بالتالي، علينا أن نعترف أن ثلاثي أستانا استطاع أن يأخذ الدور الريادي والدور القيادي في عملية حلّ الأزمة في سورية ولذلك سنرى تسارعاً في عملية الحل، لأن الطرف المعطل بات اليوم أضعف ليس في سورية فقط وإنما على المستوى العالمي.


بداية إنهاء التدويل

أعتقد أن ما سيجري هو العكس تماماً، بمعنى أن الأزمة السورية بتطورها التاريخي انتقلت فعلياً من أزمة داخلية شيئاً فشيئاً باتجاه التدويل. وقمة التدويل عملياً هي الوصول إلى القرار 2254 الذي كانت وظيفته الفعلية هي العودة عن هذا التدويل والسماح للشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه دون تدخلات خارجية. ما يجري الآن من تشكيل اللجنة الدستورية وما سيليها من خطوات في إطار التطبيق الكامل للقرار 2254، ومن المفيد ربما هنا التذكير بالبيان الثلاثي المشترك لأستانا في نيويورك يوم 24 الشهر الماضي، والذي تضمن خمس فقرات، والفقرة الأخيرة فيه قالت وضوحاً إن الأطراف الثلاثة «شددوا على أن هذه الخطوة الحاسمة بتشكيل اللجنة الدستورية ستمهد لعملية سياسية دائمة قابلة للحياة بقيادة وملكية سورية ميسرة من الأمم المتحدة على أساس قرارات سوتشي والقرار 2254». بمعنى أن المحور ما زال تنفيذ القرار 2254. وفي النهاية عندما يدخل السوريون بالحوار فيما بينهم تكون أول خطوة عملياً باتجاه التراجع عن التدويل باتجاه أن تعود الأمور إلى الداخل السوري، بحيث يستطيع الشعب السوري في النهاية بضمانات دولية بطبيعة الحال، وبكف يد الخارج شيئاً فشيئاً عن سورية أن يقرر مصيره بنفسه.


تعديل أم تغيير؟ أم تعطيل!

بعد سنتين لا يمكن القول إن انطلاق أعمال اللجنة جرى بسهولة، جرى بصعوبة شديدة، هذا أولاً. تعقيب صغير، لا يجب أن نكون منزعجين من فكرة وجود معارضات، لأن التنوع ضمن الآراء السياسية في المعارضة هو غنى لها وغنى للحياة السياسية في سورية. لا نريد أن نستنسخ نموذج الحزب القائد في المعارضة أيضاً. بالعودة إلى سؤالك حول: هل الخلافات فعلياً ستجري حول تعديل دستور أم دستور جديد؟ وكيف ستكون التأثيرات الإقليمية في هذا الموضوع؟ أعتقد أن النقاش الذي كان مطروحاً سابقاً حول التمسك بشروط مسبقة باتجاهين سواء تعديل دستور أو باتجاه دستور جديد كان المقصود منها التعطيل، لأن بيان سوتشي منذ البداية تكلم عن الإصلاح الدستوري الذي يسمح بالذهاب بكلا الاتجاهين، اتجاه التعديل أو اتجاه التغيير، وبالتالي الوصول إلى دستور جديد. هذه المسألة حين نذهب إلى نقاشها الفعلي- مسألة الدستور، هي مسألة ليست مسألة سياسية بالمعنى البسيط بمعنى موقف سياسي محدد، هل نعدِّل أم نغيِّر. هنالك في النهاية مجموعة قوانين ينبغي دراستها على أساس ما هو شكل سورية القادم بكل مفرداته، وحين يدخل السوريون في النقاش في هذه القضية تصبح هذه المسألة برأيي ثانوية، هل نحن باتجاه تعديل أم باتجاه تغيير؟ لأن أبسط تعديل في النهاية سيكون تغيير، وبالتالي، سنكون أمام دستور جديد وليس أمام دستور 2012 كمحصلة لعمل هذه اللجنة في نهاية المطاف. وبالتالي، هذه المسألة لا أعتقد أنها خلافية ولم تكن خلافية من الأساس، كانت مجرد استخدام من المتشددين في إطار تعطيل ظهور هذه اللجنة. بالنسبة لتأثير الأطراف الإقليمية المختلفة، نحن نرى أن الدور الذي لعبه ثلاثي أستانا بالدفع بتشكيل هذه اللجنة وبدور ريادي عام في حل الأزمة السورية سيستمر وسيتعزَّز وسيمنع المعيقات المختلفة من منع هذه اللجنة من التقدم.


وجهان لعملة واحدة

اللجنة ستزيد فعلياً من قوة كل من يريد الحل السياسي في سورية، ليس فقط المفاوضين في جنيف. ما يهم في هذه اللجنة هو الخطوة الكبيرة التي تحققت، لأول مرة سنتمكن من الجلوس إلى طاولة واحدة وفي قاعة واحدة، المعارضة والنظام. لأن المتشددين الموجودين في المعارضة والموجودين في النظام هما وجهان لعملة واحدة في النهاية؛ لم يكونا يريدان حلاً من البداية، يريدان حسماً أو إسقاطاً، ذاكرة الشعب السوري لن تضيع. المواقف كلها محفوظة- الذين رفضوا سوتشي ورفضوا اللجنة الدستورية ورفضوا بيان جنيف ورفضوا 2254 ثم عادوا مضطرين إلى الموافقة على كل هذه الأمور تماشياً مع الأمور التي باتت على أرض الواقع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
934
آخر تعديل على الإثنين, 07 تشرين1/أكتوير 2019 14:43