افتتاحية قاسيون 934: هل نفتح القفل؟

افتتاحية قاسيون 934: هل نفتح القفل؟

قلنا في العدد 924 من قاسيون بأنّ الإصلاح الدستوري هو مفتاح الحل، والمفتاح اليوم بأيدينا، فهل نفتح القفل؟

مرّت خلال السنوات الثماني الماضية فرص عديدة لرفع وزن السوريين ضمن الحل عبر الارتقاء إلى مستوى الحدث، والتعامل معه من منطلق المصلحة الوطنية على أساس فهم عميق لمدى عمقه وعمق استحقاقات التغيير المطلوب والذي لا مفرّ منه.

كانت قاسيون خلال هذه السنوات قد نبهت لكل فرصة لاحت لإعادة الحل نحو الداخل، ولكنّ المتشددين من كل الأطراف كانوا يصرّون على تعميق دور الخارج وتدخلاته، والغرب بشكل خاص، عبر إصرارهم على رفض الوصول إلى توافقات، وإصرارهم على عدم الاستجابة إلى الحاجة الموضوعية للتغيير الجذري، أو عبر تماهيهم مع التغييرات الشكلية التي كان يريد الغرب من خلالها الحفاظ على تخلِّف المنظومة وفسادها بالحد الأدنى، وصولاً إلى تفتيت سورية بالحد الأعلى.

إنّ قراءة متأنية لتطورات الأزمة، يمكنها أن تخرج بالنتيجة التالية: لحظة صدور القرار 2254 هي لحظة التدويل الأعلى للمسألة السورية، وهي في الوقت نفسه انعطاف باتجاه التراجع التدريجي لذلك التدويل عبر إقرار مبدأ حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه ودون تدخلات خارجية.

وإذا كان إقرار المبدأ بحد ذاته أمراً مهماً، فإنّ دفعه باتجاه التطبيق تطلّب إنشاء مسار أستانا، الذي تمكن خلال ثلاث سنوات من الوصول إلى إنجازات جدية على مستوى محاربة الإرهاب، وتخفيض درجات العنف والاحتراب إلى حدود دنيا، بات ممكناً معها الانتقال إلى الخطوة التالية؛ إلى الحل السياسي.

إنّ اللجنة الدستورية التي تشكلت بجهود أستانا، تضع الكرة في ملعب السوريين؛ إذ لن يتمكن أحد، في حال تحلّى أعضاء اللجنة بما يكفي من بعد النظر ومن المسؤولية الوطنية، من منعهم من الوصول إلى توافقات، وبسرعات منطقية.

لن يتمكن أحد من الخارج من منع اللجنة المصغرة المكونة من 45 عضواً من الاجتماع بشكل يومي ومستمر ولساعات طويلة، إنْ هي قررت ذلك؛ ولذا فإنّ طريقة اختيار هؤلاء الأعضاء من بين الـ150 عضواً، وكذلك اختيار الرئيسين المشتركين والتحديد السريع لآلية العمل التفصيلية، ينبغي أن تتم كلها على هذا الأساس: أي على أساس أن الفشل ممنوع، وأن التوافق بين السوريين هو الطريق الوحيد لإنهاء التدخلات الخارجية، ولفتح الطريق أمام الشعب السوري لتقرير مصيره بنفسه، بل ولتنفيذ القرار 2254 بكل تفاصيله بأيدٍ سورية.

إنّ ما ينبغي أن يكون واضحاً للسوريين جميعاً، ولأعضاء اللجنة خصوصاً، هو أنّ أولئك الذين يتعاملون مع اللجنة كخيار يمكن استبداله، كما الحال لدى متشددين بالمعارضة، أو كخيار لتضييع الوقت وعدم الوصول إلى أي شيء كما حال متشددين في النظام، لن تكون لديهم القدرة الكافية على فرض إراداتهم؛ فالجانب الأساس في عملية التعطيل كان ولا يزال الرغبة الغربية في التعطيل، والتي تم كسرها عبر أستانا، وبكسرها ستضعف إمكانات التعطيل الداخلية أيضاً...

إنّ تشكيل اللجنة الدستورية، التي سميناها مفتاح الحل، وبالطريقة التي جرى فيها، رغماً عن إرادة الغرب والمعطلين، يعني أنّ هذا المفتاح بات بأيدي السوريين، وعليهم التصدي لمسؤولية إدارته في باب الحل السياسي، وصولاً إلى تنفيذ كامل للقرار 2254.

معلومات إضافية

العدد رقم:
934
آخر تعديل على الأحد, 06 تشرين1/أكتوير 2019 20:35