المَخرَج والمُخرِج من الأزمة

توافق السوريون على وجود أزمة وتوافق معظم السوريين على أسباب الأزمة لكن ما لم يتوافقوا عليه بعد هو سبيل الخروج من الأزمة.

كيف يمكن لنا نحن السوريين التوافق على ذلك؟
إن أي حل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار آراء الغالبية العظمى للشعب السوري بما يعد صياغة لآرائهم هذه الصياغات تفترض إمكانية تعبير هؤلاء عن آرائهم أولاً وأن تكون هذه الآراء نابعة عن أوضاعهم الحقيقية وليست مفروضة عليهم بقوة الضخ الإعلامي، والحرب البسيكترونية التي تعمل على إعادة تشكيل الوعي الاجتماعي بما يمكن من يفعل ذلك للتحكم بالوعي الاجتماعي ولو مؤقتاً
جرت العادة أن تكون معظم الحلول التي تظهر هي إما عبارة عن حلول محكمة بشكل ممتاز مخططة في دوائر صغيرة مغلقة تعتقد أنها تقدم الحل الأفضل –وهو بالطبع الحل الأفضل لمن تمثله هذه الدائرة الضيقة- أو بشكل فقاعات تعتبر أحد الأفكار على درجة من العبقرية بحيث لا يمكن إلا أن تطبق هذه الفكرة بغض النظر عمن تطبق عليهم ومن هو المستفيد والمتضرر منها وقد شهدنا من هذه الفقاعات ما لم يشهده بلد آخر بالعالم –لدرجة بدأنا نشعر بأننا حقل تجارب فاشلة- وباعتبار أنه من المفترض أننا نتعلم من أخطائنا، ربما كان من المفترض الآن البحث عن حلول ترضي الجميع –الجميع هنا تعني الأغلبية!!- بشكل مفتوح أي بأوسع مشاركة للناس في صياغتها ودون فقاعات أي بعد بحث ودرس كافيين.
طرح حزب الإرادة الشعبية برنامجه وهو برنامج توافقت عليه غالبية أعضاء الحزب وناشطيه ومؤيديه والدائرة الشعبية المحيطة به، وكذلك تطرح الأحزاب الجديدة والقديمة برامجها، إن تلاقح الأفكار بعرض هذه البرامج ونقاشها بشكل جدي على أوسع شرائح السوريين هو ضرورة وطنية لصياغة هذا العامل المشترك الأكبر المسمى برنامج سورية الجدية على مرحلتين مرحلة تخرج فيها من الأزمة ومرحلة ما بعد الأزمة التي نتجاوز فيها أخطاء المراحل السابقة إلى مرحلة أكثر عدالة ووعياً وحرية.
من أهم الملامح التي طرحها برنامجنا هو البرنامج الاقتصادي الذي ركز ضمن الحلول الاقتصادية المباشرة على موضوع ربط الأجور بالأسعار وهو ضرورة مباشرة لطرفين أساسيين في العملية الاقتصادية وهما المستهلك والمنتج حيث أن المستهلك ضمن موجات الغلاء المتتالية وعدم توافق الدخل معها بات يختصر احتياجاته شيئاً فشيئاً – واضعاً معظمها في «قائمة الكماليات الجديدة» إلى أن وصلت إلى ما دون الضروريات الأساسية، ووضعت المنتج في وضع باتت فيه أي بضاعة عدا الأساسيات والضروريات هي في عداد «قائمة الكماليات الجديدة»  التي أفرزتها الظروف وبدأت عجلة الإنتاج بالتباطؤ وصولاً إلى التوقف.
وكانت الجهود حثيثة لإقناعنا بأن قائمة الأساسيات تتضمن الحد الأدنى لنبقى على قيد الحياة وأن كل ما هو فوقها هو ترف ليست هناك إمكانية لتأمينه، وانضم المزيد من السوريين إلى ما يسمى جماهير ما تحت خط الفقر، إن من وضع خط الفقر هذا كائناً من يكون لا يحترم إنسانيتنا ولا يحترم الحد الأدنى من كرامة السوريين.
دفع هذا الوضع العديد من طاقاتنا البشرية الهامة إلى البحث عن مخرج خارج إطار الحلول الممكنة بعدما يئسوا من إيجاده بكرامة في بلدهم، وخرجت مئات الآلاف من الشباب السوري باحثةً عن لقمة كريمة تحترم كرامتهم وعلمهم خارج حدود هذا الوطن الذي وظف كثيراً من طاقاته لتعليمهم. إن خلق ظروف العمل المناسبة لطاقاتنا العلمية الهامة والاستفادة مما أنتجته النظم التعليمية هو مهمة وطنية بامتياز، إن إنتاج العقول يفترض احتضانها والاستفادة منها وجذب كل هذه الطاقات وطمأنتها إلى وجود فرصة عمل تستطيع أن تؤمن لهم حياة كريمة محترمة فيها الأمان والمستقبل المضمون، ومن لم يهاجر أصبح لدى المؤسسات الإحصائية رقماً مضافاً إلى جماهير العاطلين عن العمل، ليس شبابنا أرقاماً إن حياة كل شاب وشابة هي مستقبلنا وإن استيعاب كل طاقاتنا الشبابية وعدم ترك أي أحد خارج نطاق العملية الإنتاجية أحد أهم أهدافنا في المرحلة الحالية .