الفاشيون الجدد.. والحل السياسي في سورية
أكرم فرحة أكرم فرحة

الفاشيون الجدد.. والحل السياسي في سورية

إن الميل الواضح على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي هو الاتجاه نحو الحلول السياسية لكل الملفات العالقة، بسبب التغير الواضح بميزان القوى الدولي والذي تجسده مجموعة البريكس.

وبالمقابل نرى استمرار تفاقم الأزمة الرأسمالية العالمية والتي ليس لها مخرج إلا بتوسيع رقعة الحريق بالاعتماد على أدواتها الفاشية الجديدة من طالبان مروراً بالقاعدة وداعش وبوكو حرام والقطاع الأيمن.

السمة الأساسية للمرحلة الراهنة

ما يجري اليوم يؤكد ما قاله انجلس: (إن كل تطور للقوى المنتجة في ظل الرأسمالية يعني خطوة إلى الوراء بالنسبة إلى الإنسان والطبيعة ولكن في الجديد أنه لم يعد لدى البشرية والطبيعة مسافة للتراجع لأن أية خطوة أخرى في المدى التاريخي إلى الوراء تعني زوال الطبيعة والبشرية إن الرأسمالية تستنزف احتياطاتها الأخيرة)

لذلك يقع على عاتق القوى الناهضة وقطب الشعوب التصدي بحزم لردع الاتجاهات الفاشية الجديدة وعزلها لتجنب دمار عالمي شامل خاصة وإن القوى والأنظمة المعادية لقطب الشعوب، لم يعد لديها قدرة سياسية عسكرية في منع الجديد الحاصل على ميزان القوى الدولي.

التغير الجديد في ميزان القوى الدولي، سينعكس على الأزمة السورية، وطرق حلها، حيث يتضح أكثر من أي وقت مضى الصراع الحقيقي الجاري اليوم في سورية للخروج من الأزمة الوطنية العميقة هو بين مسارين:

المسار الأول: مسار الحل السياسي السلمي والذي يصل بالشعب إلى تغيير وطني ديمقراطي شامل جذري وعميق تشارك في رسمه كل القوى الوطنية والسياسية والمجتمعية لمنع تفتيت سورية أرضا وشعبا.

المسار الثاني: (الحسم – الإسقاط) والذي أوصل البلد إلى مشارف الهاوية الوطنية خلال السنوات الأربع الماضية، حيث أريقت دماء الآلاف من السوريين والملايين من النازحين والمهجرين والمفقودين ولا يزال الوضع الجاري يهدد بالمزيد، كما جرى هدم معظم البني التحتية الأساسية مما أدى إلى تراجع وتائر النمو بشكل كبير، وارتفاع نسبة البطالة والفقر والجوع وتفشي ظاهرة الفساد بدءا من رغيف الخبز إلى أعلى مستويات وأدوات العيش وتعاظم دور تجار الأزمات لدرجة نراهم اليوم، يرفعون أصواتهم عالياً للدفاع عن فكرة الحسم - الإسقاط لأن ثرواتهم المنهوبة من لقمة الشعب مرهونة باستمرار الأزمة.

الإرهاب ـ الفاشية

الإرهاب هو شكل من أشكال تجليات الفاشية، ولا يصبح السلوك الإرهابي فاشياً إلا إذا مثل مصالح رأس المال المالي الإجرامي العالمي، وهذا يعني إن كل إرهاب ليس بالضرورة فاشياً كما يحاول البعض تصويره لنا، لأنه بذلك يخفف عن قصد أو عن غير قصد جوهر ومضمون الفاشية الجديدة، ومن أسباب تغلغل الفاشي  في سورية:

• سبب خارجي مرتهن بالتراجع الرأسمالي الأمريكي والمتسارع.

• سبب داخلي له علاقة بجملة السياسات المتبعة كون الأزمة في سورية لا تتعلق بمواقف سورية الوطنية فقط وإنما تمتد لتشمل الوضع الداخلي المتعلق بالفساد والنهب والسياسات الليبرالية وتغول الأجهزة الأمنية والفقر والبطالة والتهميش وتدني مستوى الحريات السياسية.

إن الدول الراعية للإرهاب تستخدمه لإبطاء تراجعها وتأخير انهيارها ولإخافة شعوبها ولجم تذمرهم من الأزمات الاقتصادية المتفاقمة في بلدانهم وتجليات الفاشية الجديدة بنسختها الداعشية، مآلها الزوال لأن المشكلات الجديدة لا تحل بأدوات قديمة كما إن الفاشية ستنقض أخيراً على حلفائها و من صنعها أولاً .

الحل السياسي ضرورة وطنية.  

ضاعت أكثر من فرصة لإنهاء الأزمة بدءاً من اللقاء التشاوري في 2011 إلى جنيف1 في 2012 إلى جنيف2 في 2014 والآن تطل على العالم المنصة الروسية لإحياء مسار الحل السياسي في سورية ويستند على جنيف1 وهي بداية الطريق نحو العملية السياسية و نحو التغيير الذي يتطلب تنازلات لمصلحة فقراء الشعب السوري.

إن أية ظاهرة لا تنهار إلا بسبب شدة تناقضاتها، وبما أن كل مشكلة قديمة عالقة لا يمكن حلها إلا بأدوات جديدة، والتي حتما ستنمو في رحم القديم، وبولادتها تدشن إمكانية كافية لحل المشكلات القديمة، وهذا المفهوم ينسحب على كل البنى السياسية التي تريد حل الأزمة السورية بأدواتها القديمة سواء بتدخل عسكري مباشر أو غير مباشر أو تدعم فكرة الحسم أو الإسقاط بدلاً من البحث عن حلول جديدة للخروج من الأزمة. 

فالمولود الجديد في فكرة المنصة الروسية، هو بدعوتها لكل الطيف المعارض والموالي وبحضور الأطراف الإقليمية والدولية لما لهم من دور مباشر في موضوعة الأزمة السورية.

إن بعض البنى السياسية لا تملك المستوى المعرفي الذي يؤهلها في البحث عن أدوات جديدة لحل الأزمة السورية، حيث نراها لا تخرج من قوقعتها متمسكة بأدواتها القديمة التي أثبتت التجربة فشلها وبطلانها في إيجاد المخرج والحل، وفي الوقت نفسه تنضج في هذه البنى شخصيات ورموز تستوعب أهمية الأدوات الجديدة لحل الأزمة، وهذا شكل من أشكال الفرز الحاصل في تلك البنى وهو ما سيستمر، فالأدوات السياسية الجديدة لحل الأزمة السورية تتطلب الدخول بفضاء سياسي جديد يعمل على تجميع كل القوى الوطنية حول فكرة الحل، واستبعاد  كل قوى الإرهاب كداعش والنصرة وبعيداً عن كل وصاية دولية أو إقليمية.

الحل السياسي في سورية قادم حتماً، لكن الحل الذي ننتظره لن يكون سلاماً ورخاء فقط  بل حرباً على أعداء الداخل والخارج، وهذا يتطلب تضافر جهود كل الوطنيين والمؤمنين بأهمية الحل السياسي لطرد أعداء الشعب السوري من فاسدين ومروجين لسياسة الغرب وطرد داعش والنصرة وبناء سورية الجديدة لمصلحة فقراء الشعب السوري ولمصلحة كل الوطنيين الشرفاء.