خياران لاثالث لهما!

خياران لاثالث لهما!

نعتقد أن المستوى الذي وصلت إليه الأزمة الوطنية، وضع البلاد أمام خيارين لاثالث لهما، وهما خياران متناقضان على طول الخط أحدهما ينفي الآخر ويلغيه، وهما خياريا:

-الحل السياسي

- أوانتهاء سورية  كوحدة جغرافية سياسية.

إن الحديث عن امكانية فرط عقد الوطن السوري على مرارته، هو تعبير عن الحقائق المتشكلة على الأرض، ومعرفة بطبيعة القوى الفاعلة على خط الأزمة، فتقطّع أوصال البلاد، وعدم قدرة الدولة على ايصال مواد الاستهلاك اليومي بما فيها الخبز إلى بقاع عديدة من الأرض السورية، وأن تكون الحدود السورية مع دول الجوار خارج المراقبة والمتابعة، وأن تكون مؤسسات الدولة عاجزة عن ايصال الرواتب إلى موظفيها في العديد من المحافظات والمدن، وأن تصبح أرصفة الشوارع في المناطق الشمالية على طول الحدود السورية التركية غارقة بالبضائع التركية، وأن ينهب النفط السوري بأبخس الاثمان وفي رابعة النهار، وأن يتعمّق دور البنى التقليدية من طائفية ودينية وعرقية هي كلها مظاهر تشكل بدايات انهيار الدولة والمعنى الوحيد لاستمرار هذا الوضع هو تثبيته كأمر واقع والوصول إلى تقسيم البلاد، ومن هنا تنبع ضرورة العمل بعكس الطريقة التي تم العمل بها في إدارة الازمة حتى الآن، طالما أن هذه الطريقة أوصلت البلاد الى ما وصلت إليه أي ضرورة الإسراع في البدء بالحل السياسي الذي يشكل الحوار الوطني الجدي أداته الرئيسية، أما التسويف والمماطلة والتأجيل وعدم أخذ دور الزمن بعين الاعتبار ودوره في تراكم التعقيدات والوقائع آنفة الذكر يؤدي موضوعياً إلى الخيار الاخر. 

وإذا كانت تتمظهر خيارات فرعية غير الخيارين الذي جرى الحديث عنهما، يحاول هذا الطرف أو ذاك فرضها من قبيل «الحسم العسكري» و«الاسقاط» ويحاول كل منهما اقناع مناصريه بها، فأنها تظل خيارات غير واقعية وليس لها حظاً في التجسيد على أرض الواقع حسب ما تؤكده تجربة عامين من الصراع العبثي الدائر في البلاد، وتقود الى الخيار الثاني.

ومن هنا فأن أحد أهم مقاييس الوطنية السورية اليوم تكمن في العمل مع جميع القوى الوطنية في البلاد للضغط باتجاه الحل السياسي، وإلا فأن الأبواب مفتوحة على الخيار الآخر.