بصراحة ... ميسلون نموذج للمقاومة الشعبية والوطنية

بصراحة ... ميسلون نموذج للمقاومة الشعبية والوطنية

حين خرج المناضل الوطني الكبير يوسف العظمة لملاقاة الفرنسيين على مشارف ميسلون، كانت تدور في ذهنه قضية واحدة، هي الدفاع عن الوطن وألّا يمرَّ المستعمر الفرنسي دون مقاومة، وهو يعلم مسبقاً بحسّه الوطني العالي أنها ستكون بوصلة المواجهة القادمة التي سيخوضها الشعب السوري لطرد المحتل، وكان يعلم أيضاً بخبرته العسكرية أنّ المستعمر الفرنسي سيتمكن من احتلال سورية، بسبب التفاوت الكبير بميزان القوى العسكري بين مُستعمرٍ يملك مِن الخبرة والعتاد الشيء الكثير الذي لا يملكه الثوار عندما خرجوا لقتاله، وثُلَّةٍ من المقاتلين سلاحُهم الضاربُ إيمانُهم الذي لا حدود له بوطنهم، وإرادةُ قتالٍ صلبةٌ وعزيمةٌ عالية على فعل المقاومة، لهذا لا يجوز لمستعمرٍ أنْ يُدنِّسَ الوطنَ دون مقاومة، حتى لو كان ثمنُها حياتهم.

معركة ميسلون تأتي أهميتها الاستثنائية كونها شكّلت قاعدة انطلاق للمقاومة الشعبية اللاحقة، التي خاضها شعبنا بقواه الوطنية، ليس بجانبها العسكري فقط، بل بكل أشكال المقاومة الأخرى أيضاً، التي ابتدعها المناضلون السوريون، والتي شاركت بها قطاعات واسعة من الجماهير الشعبية (الفلاحون والبرجوازية الوطنية)، وكذلك العمال عبر المشاركة بالإضرابات والمظاهرات، والإضراب الستّينيّ، هو إحدى محطات المقاومة الشعبية البارزة المطالبة برحيل المحتل، ورفض مشاريعه التقسيمية للوطن، على أساس طائفي، التي حاول المستعمر عبرها استمالة العديد من الشخصيّات التي لها مصلحة في التقسيم وبقاء المحتل جاثماً على ترابنا الطاهر. ولكن المحاولات تلك باءت بالفشل ولم تُمكّن المحتلين وعملاءهم الذين جرّوا عربة قائدهم «غورو» بدلاً من البغال -كتعبير عن ولائهم لسيّدهم المحتل- من أن تكون لهم السيادة والتحكّم بمقدَّرات شعبنا استقواءً بالمحتل.
اليوم ما زالت أراضينا محتلَّة، وتطوُّرات الأزمة الوطنية السورية تتعقد لأسباب كثيرة، منها التدخل الخارجيّ الساعي إلى إدامة الأزمة، عبر أدواته من المتشدِّدين في الطرفين المعاديَين لحلّ الأزمة حلّاً سياسياً يحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً، ويؤمِّن الشروط الضرورية لتعبئة الشعب السوري، باتجاه الدفاع عن الوطن ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله السياسية والاقتصادية والعسكرية، الذي لن يُهزَم دون إنجاز الحلّ السياسي، الذي ستشارك به القوى الوطنية دون استثناء لأحد، الأمر الذي سيعيد توجيه البوصلة الوطنية لوجهتها الحقيقية، من أجل تحرير جميع الأراضي السورية المحتلة، ومن أجل أن يستعيد الشعب السوري حقَّ تقرير مصيره في كلمته ولقمته، وبهذا نكون أمينين لقضيتنا الوطنية التي قاتل أجدادنا السوريّون من أجلها، والذين لا بدَّ أن نسير على دربهم، درب يوسف العظمة وسائر الوطنيين العظماء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1170
آخر تعديل على الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024 22:03