بصراحة ... إما الجوع أو رد الجوع

بصراحة ... إما الجوع أو رد الجوع

النقلة النوعية التي أقدمت عليها الحكومة فيما يتعلق بالوضع المعيشي بأن رفعت أسعار كل شيء حتى الهواء الذي يتنفّسه الفقراء هذه النقلة «وهي بمثابة إعلان الطلاق النهائي الذي لا رجعة فيه مع الفقراء» تتفاعل آثارها الاقتصادية والسياسية، ويتعمق الجرح الذي أحدثته في حياة الناس والذي لا شفاء له طالما أن الحكومة تواصل السير أكثر في تطبيق سياساتها التي لم تبق ولم تذر من كرامة الناس ومن لقمتهم.

الطبقة العاملة السورية التي أصابها المصاب نفسه الذي أصاب العباد وجعلهم يضربون أخماسهم بأسداسهم كما يقال من أجل تأمين لقمتهم وعائلاتهم إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً وفي هذا الحال الذي يعيشون به قد لا يستطيعون، لأن الأسعار السائدة في الأسواق ستجعل حلمهم في تحقيق الحد الأدنى مما يحتاجون فيه صعوبة قصوى، فالخيار المتبقي أمامهم هو البحث فيما تبقى من خضار ما زالت تحمل بعض الصلاحية في استخدامها كطعام، ومن يريد التأكد فليقم بجولة صغيرة في أسواق الخضرة مساءً ويرى بأم العين الواقع الحقيقي الذي يقوم به الفقراء من الناس من أجل تأمين حاجتهم للأكل اليومي من المواد الصالحة للطبخ وسواه.
النقابات في اجتماعها الأخير قالت في نهاية الاجتماع إنها «بحثت القضايا المعيشية وقضايا الرواتب والأجور والتعويضات والقضايا الحقوقية للطبقة العاملة في سورية، وتتابع من قبل الاتحاد ومنظماته في الاتحادات المهنية واتحادات المحافظات والنقابات بالحوار مع الحكومة وكافة المفاصل التنفيذية المختصة».
من المؤكد أن النقابات تحاور الحكومة فيما يتعلق بقضايا العمال وحقوقهم وهذا الحوار لم ينقطع والنقابات ممثلة في الهيئات الحكومية المختلفة، ولكن السؤال الذي يُطرح، ما هي النتائج المترتبة عن الحوار؟ هل الحكومة تستجيب لما تطرحه النقابات من قضايا عمالية وعلى رأسها الوضع المعيشي والأجور؟ الوقائع التي يراها العمال بأعينهم هي أن حالتهم المعيشية في انحدار مستمر وأن أجورهم حتى بعد الزيادة الأخيرة قد خفضتها ارتفاعات الأسعار الجنونية فكيف سيقتنع العمال بالمساعي الحميدة للنقابات مع الحكومة بأن الأخيرة ستحسن أوضاعهم المعيشية وتجعلهم يعيشون بسبات ونبات وقانعين بما ستمنّ عليهم الحكومة من هبات وأعطيات.
إن الطبقة العاملة السورية قد خبرت الحكومة أو الحكومات وسياساتها تجاههم ولم يعد الكلام الذي يحاول تلطيف تلك السياسات بنافع، والطبقة العاملة من المؤكد أنها ستدافع عن لقمتها وحقوقها بمختلف الوسائل السلمية التي تمكنها من ذلك، ولم تعد الشعارات وغيرها «تعبي راسها» لأن حالها الذي وصلت إلية يجعل خياراتها إما الجوع أو رد الجوع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1137