العداء لليبرالية يوحد السوريين
اديب خالد اديب خالد

العداء لليبرالية يوحد السوريين

منذ أن أعلنت الحكومة عن زيادة الرواتب ورفعت الدعم عن المحروقات والطاقة وما رافقهما من تراجع لقيمة العملة وتدني القوة الشرائية للأجور والرواتب أكثر مع ما شهدته الأسواق من ارتفاع جنوني بالأسعار وازدياد رقعة الفقر والجوع في المجتمع وتراكم الأرباح في أيدي قلة قليلة، هذا عدا عن آثار الأزمة من نزوح وتشرد وسياسات تدمير الإنتاج الزراعي والصناعي وسياسة تفقير المواطنين المستمرة منذ أعوام، كل هذه كانت أسباباً دافعة لعودة الحركة الشعبية بموجة جديدة من الحراك الشعبي.

احتجاجات أخرى

هذا عدا عن العديد من حالات الإضرابات التي كانت تجري في معامل ومنشآت القطاع الخاص خلال الفترة الماضية للمطالبة بزيادة الأجور، والاستقالات التي جرت بالقطاع العام كنوع من الإضراب، وتعبيراً عن الاحتجاج على سياسة الأجور والتي لم يجرِ تسليط الضوء عليها من الإعلام إلا من خلال جريدة قاسيون التي كانت ترصد حالات الإضراب في عدة مواقع.
المميز بالموجة الجديدة للحركة الشعبية هو رفعها لمطالب اقتصادية واستهداف مباشر لقوى الفساد، وجميع المطالب صبت في اتجاه المطالبة بالتراجع عن سياسة تفقير الناس وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين كما أدانت بيانات خرجت من نقابة المحامين فرع السويداء ونقابة المهندسين في السويداء تستنكر سياسة الإفقار التي تنتهجها الحكومة مطالبة بالتراجع عن هذه السياسات.
من الطبيعي أن تتركز أكثر مطالب الحركة الشعبية على الواقع الاقتصادي لأنها خرجت من رحم الجوع والفقر الذي تسببت بها السياسات الليبرالية من تحرير الأسعار وتخفيض قيمة العملة ورفع الدعم وتجميد الأجور وبيع القطاع العام والتي أدت إلى إفقار الجميع دون تمييز والتي بدورها وحدت الفقراء حول هدف واحد، وهو الخروج للدفاع عن مصالحهم وحياتهم ومعيشتهم، وإن كانت هناك آلاف المحاولات التي تجري والتي ستجري من بعض القوى لتحميل الحركة الشعبية المتجددة شعارات وهمية خارجة من فنادق الخمس نجوم في أوروبا غير قابلة للتحقيق، كالتي رفعت عام 2011 والتي تم فرضها على الحراك الشعبي وقتها من الخارج وكنتيجة للقمع الذي تعرضت له.

لا شيء لدى الحكومة لتقدمه

من ناحية أخرى ما زالت الحكومة ومِن ورائها قوى الفساد ورغم الصمت الرسمي حول ما يحصل، ومن خلال بعض الوجوه الإعلامية والسياسية ترمي بمسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية على المؤامرة الخارجية والحصار والعقوبات دون حتى أن تعترف رغم كل ما حصل ويحصل بخطأ سياستها متهمة الموجة الجديدة من الحراك الشعبي كعادتها بأنهم مدفوعون من الخارج مستغلين سوء الأوضاع الداخلية.
من جهتهم، الحراك الشعبي ومن خلال تجاربه مع هذه الحكومة لديه ثقة كاملة بأن الحكومة لن تتراجع عن سياسة إفقار المواطن وأنه كما تحدثنا في عدة مقالات سابقة بأنه لا يمكن القطع مع هذه السياسات إلا من خلال الحل السياسي وتطبيق القرار 2254.
وإذا كان الحراك السابق ركبت موجته قوى ظلامية وحرفته عن مساره لأنه كان لا يملك الخبرة والوعي الكافيين وكان هو أيضاً في أزمة البحث عن حلول ونتيجة لما تعرض له من القمع لم تسمح له بالتطور، وعدم وجود حل للأزمة بسبب المتشددين من الطرفين مما أدى إلى تدويلها إلا أن الهدف اليوم محدد، والطريق واضح للخروج من الأزمة من خلال الحل السياسي الشامل.
ومن المؤكد أن تطوير الحركة الشعبية ومساندتها ومساعدتها للوقوف على قدميها هدف لكل الوطنيين لتكون دافعاً شعبياً حقيقياً، ومن الداخل، للذهاب نحو الحل السياسي للأزمة السورية وفق القرار 2254 ومن خلال الاستفادة من التطورات الإقليمية والعربية التي تسعى في هذا الاتجاه.
فالحركة الشعبية هي الضمانة الوحيدة المتبقية لسورية للخروج من أزمتها وأي حرف للحركة أو تحميلها شعارات غير قابلة للتطبيق هو لإغراقها بالدماء وعودة إلى الحرب والاقتتال من جديد كما يطمح المتشددون من الطرفين، وبالتالي تكرار للتجارب السابقة ومزيد من المعاناة وضياع فرصة ذهبية لسورية للخروج من أزمتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1137