النقابات بين النظرية والواقع /3/
نبيل عبد الفتاح نبيل عبد الفتاح

النقابات بين النظرية والواقع /3/

نستكمل اليوم بعض القواعد والأسس التي يمكن بل يجب أن تندرج ضمن قانون التنظيم النقابي والأنظمة الداخلية للنقابة، لكي تكون الناظم لعمل أعضاء التنظيم النقابي وقياداته المختلفة القاعدية والوسيطة وحتى الهرم الأعلى في التنظيم النقابي، مع العلم أن بعضها مدرج بنصوص قانون التنظيم النقابي، وهذا شرطٌ غير كافٍ على أهميته من حيث هو نص مكتوب، والمهم إلى جانب النص المكتوب، كيف يجري التعامل مع هذه النصوص القانونية أثناء الممارسة؟ 

حيث دلّت التجارب السابقة أن النصوص في وادٍ والممارسة على الأرض في واد آخر، وهذا الأمر لا تتحمل مسؤوليته الكاملة الحركة النقابية ولكنه مرتبط بمجمل القضايا السائدة في البلاد، ومنها: مستوى الحريات العامة السياسية والديمقراطية النقابية التي تُمكّن العمال من الدفاع عن حقوقهم كما ينص عليها قانون التنظيم النقابي، وفي القلب منها حقهم في انتخابات بعيدة عن التدخلات المباشرة وغير المباشرة من الأطراف المتعددة التي تعطي الحق لنفسها في فرض ما تراه مناسباً من وجهة نظرها السياسية حتى لو كان متناقضاً مع النصوص القانونية والأعراف النقابية، لهذا كان لزاماً علينا إعادة التذكير بالقضايا الأساسية المرتبطة بواقع الحركة النقابية والعمالية من حيث العلاقة بين النص والممارسة وبالتحديد، لأننا على أبواب دورة نقابية جديدة يبث منذ الآن حولها الكثير من التسريبات والأقاويل التي تتعارض مع حق العمال باختيار ممثليهم بإرادتهم.
الديمقراطية: إن هذا المبدأ هو العمود الفقري الذي لا بدّ أن ترتكز عليه الحياة التنظيمية للحركة النقابية بنشاطها العام، واستكمالاً لما تم ذكره في العدد الأسبق، يجب أن تكون جميع القرارات المتخذة والمواقف التي تعبر عنها الحركة النقابية ناتجة وفق آليات ديمقراطية بمشاركة جميع الأعضاء وتتيح لهم حق اختيار اللجنة النقابية التي تقود العمل النقابي في المنشأة.
القيادة الجماعية: وهذا المبدأ يُجنِّب العمل النقابي الوقوع بالأخطاء وتتجلى هذه القاعدة عند اتخاذ القرارات حسب رأي الأغلبية، والتزام الأقلية بها والدفاع عنها بغض النظر عن معارضتهم لها.
المسؤولية الفردية: كل مسؤول نقابي يتحمل نتائج ما يقوم به من أعمال ومهام قد يُكلف بها، مما يحدُّ ويمنع من التراخي في العمل النقابي ويساهم بتنفيذ المهام بالسرعة الضرورية المطلوبة.
المحاسبة والمراقبة: يتعرض التنظيم النقابي للفوضى التي قد تصل إلى حد الانكفاء وابتعاد جماهير العمال، وحتى الأعضاء عنه، عندما يتخلى التنظيم النقابي عن مبدأ المحاسبة والرقابة، وهذا المبدأ يهدف بالدرجة الأولى منه إلى النهوض وتطوير العمل النقابي ورفع روحه النضالية والكفاحية من أجل تحصيل حقوق الطبقة العاملة، وليست الغاية الأساسية منه تَصيّد الأخطاء الفردية وفرض العقوبات.
النقد والنقد الذاتي: يجب أن يُثَبَّت كحق لكل عضو في التنظيم النقابي بغض النظر عن موقعه في الهرم النقابي، بحيث يحق لكل عضو التعبير عن رأيه وانتقاده للقيادة المسؤولة عنه بشكل موضوعي وبنَّاء، وأن يُقبَل هذا الرأي من العضو مهما كانت توجهاته بمرونة ومسؤولية طالما الهدف الأساس منه تطوير العمل النقابي وتجويده.
الإضراب: إن عدم تبني التنظيم النقابي لمبدأ حقّ الإضراب يضعف الأدوات والوسائل المتاحة الأخرى للنقابات في النضال، من أجل مصالح العمال وتحصيل حقوقها المسلوبة من أمن صناعي وصحة وسلامة مهنية وتأمينات اجتماعية وغيرها، وخاصة الأجور، وهو من جانب آخر لا يتوافق مع مبادئ الحريات النقابية التي ضمنها الدستور في مادتيه الرابعة والأربعين والخامسة والأربعين، مع العلم أن كافة المواثيق الدولية قد اعترفت بكل وضوح وصراحة بحق الإضراب كما في الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والنقابية وغيرها من الاتفاقيات الدولية كمنظمة العمل الدولية.
الانتخاب: يُعتبَر هذا المبدأ السند الأساس للعمود الفقري للتنظيم النقابي، إن قواعد وأسس الانتخابات يجب أن تكون واضحة ومدونة ضمن قانون التنظيم النقابي بشكل لا لبس أو تأويل فيه، وبعيدة عن القوائم المغلقة وتسمح لكافة العمال المشاركة في اختيار من يرونهم ممثلاً لهم في كافة مفاصل الهرم النقابي وذلك تحت إشراف القضاء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
920