بصراحة العمال المؤقتون.. مطلب متجدد لتثبيتهم..

مرةً أخرى، تطفو على السطح قضية العمال المؤقتين، وضرورة تثبيتهم، والتي تماطل الحكومة منذ سنوات لإصدار مرسوم تثبيتهم، كما جرى في العام (2001)، بالرغم من المطالبات النقابية المتكررة في المؤتمرات، وإرسال المذكرات، والدراسات من الاتحاد العام لنقابات العمال، والتي يقدم فيها وجهة نظره بمسألة التثبيت. لكن، لا حياة لمن تنادي، فكل النداءات ذهبت أدراج الرياح، مع أن تثبيت هؤلاء العمال، الذين مضى على عملهم بأعمال دائمة سنوات طويلة لكن دون تثبيتهم، كما هو واقع الحال في شركة إسمنت طرطوس، حيث يبلغ عدد العمال المؤقتين ما يقارب الـ600 عامل، والذين هم الجزء الأساسي في عملية الإنتاج، مع أن تثبيتهم، لا يكلف الدولة أية أعباء مالية إضافية.

إن البينات الحكومية السنوية، تؤكد على خطط الحكومة في تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة سنوياً، لكن واقع الحال يقول العكس، حيث تلجأ الكثير من الشركات، والمصانع الحكومية لتشغيل العمال على نظام ثلاثة أشهر ليتم بعدها تسريح العامل، وهذه مدة غير كافية أصلاً ليتمكن العامل الجديد من إجادة عمله، لأنها تعتبر فترة تدريب أولية، وبهذه الطريقة يفقد العامل حقه في العمل الذي كفله له الدستور، وكذلك تسبب خسائر مادية تكون عبئاً على الإنتاج بزيادة التكاليف، بسبب تدني إنتاجية العامل الجديد وعدم خبرته الكافية في العمل الإنتاجي.
إن عقلية الحلول المؤقتة التي تدير بها الحكومة قضية اجتماعية واقتصادية هامة، مثل قضية العاطلين عن العمل، هي منسجمة مع توجهاتها بموضوع تطوير القطاع العام، وخاصة الصناعي منه، حيث تجعله يترنح تحت ضغط مشاكله الإنتاجية والمالية، كما هو حاصل في الكثير من الشركات (شركة بردى التي تحتاج إلى الدعم، وإلى زيادة الاستثمار فيها)، لكن تعمل على حل مشكلاتها الإنتاجية كماً ونوعاً، وكذلك التسويقية، ولكن عوضاً عن ذلك تقول الحكمة (دبروا رأسكم)، لا توجد موارد. في الوقت نفسه فإن الحكومة تراهن على القطاع الخاص للمساهمة في تشغيل اليد العاملة وإلزامه بـ(400 ألف) فرصة عمل سنوياً، كما جاء في جريدة الثورة 8/5/2007، حيث عبر ممثلو هذا القطاع عن عدم قدرته على المساهمة الفعالة في امتصاص اليد العاملة من سوق العمل، وكما ذكر غسان الطباع نائب رئيس غرفة صناعة دمشق: (القطاع الخاص غير مؤهل بدرجات متفاوتة لاستيعاب طوابير العاطلين عن العمل).
أما عماد غريواتي رئيس الغرفة فقال: (لكي يساهم القطاع الخاص باستيعاب العمالة، لا بد من قيام صناعات كبيرة، تساهم الدولة في تمويل جزء من رأسمالها...).
إذاً الكرة في ملعب الحكومة، فهي القادرة على تأمين فرص العمل، والتخفيف من أزمة البطالة عبر خطط زمنية محددة، وذلك بتشجيع الاستثمار في القطاع الإنتاجي، وزيادة استثماراتها فيه، وتوسيع هذه الاستثمارات في الصناعات المختلفة والمتكاملة التي توفر فرص عمل كبيرة، بعكس ما هو جاري الآن؛ من تشجيع للمضاربات العقارية، والمنشآت السياحية التي لا تحتاج إلى يد عاملة كثيرة.
إن اللجوء إلى الحلول المؤقتة لتوفير فرص العمل ليس حلاً، بل سيعمل على تدوير أزمة البطالة من عام لآخر، بينما سيعمل تثبيت العمال المؤقتين والموسميين، على استقرار اليد العاملة مما سينعكس إيجاباً على الإنتاج، وعلى حقوق العمال وهذا هو بيت القصيد... فهل تفعل الحكومة ذلك؟!..