معمل (مسالكو).. ظلم للعامل وتواطؤ مع الفاسدين

معمل (مسالكو).. ظلم للعامل وتواطؤ مع الفاسدين

. قريباً من رائحة الدم الذكية التي تفوح من الأرض السورية، تفوح روائح نتانة الفساد في أجهزة الدولة التي من المفروض أن تحمي العامل، كونه اللبنة الأساسية لتعافي الوطن، فساد يبدأ بمؤسسة التأمينات الاجتماعية ولا ينتهي بمواقع أخرى ذات صلة بمصالح العمال.

التأمينات:

استكمالاً لتسليط الضوء على الحقوق المهضومة للعامل في المنشأة الخاصة، يبدو أن قصة العامل المظلوم في معمل مسالكو للألمينيوم الواقع في منطقة الصبورة بريف دمشق لم تنته، فبعد أن طرحنا المشاكل التي يعاني منها العمال في العدد السابق من جريدة« قاسيون» بعنوان «معمل مسالكو.. هضم حقوق بالجملة» تطل برأسها مظالم عديدة، نبدؤها بمشكلة حياة العامل التي أصبحت في خطر، فالإصابات بالجملة والحماية مفقودة. حياة العمال على كف عفريت: حيث أكد أحد العمال في قسم السحب داخل مؤسسة مسالكو:» أنا أعمل بالقرب من فرن التقسية، وهو يولد حرارة عالية جداً ويصدر الروائح والغازات السامة، ووسائل الحماية لا تتجاوز كمامة صغيرة إن وجدت، يضاف إليها كفان لليدين لا يبدلان إلا بعد معاملة طويلة عريضة، ومن المفروض أن نحصل على لباس خاص ضد الحرارة، وأحذية قاسية (بوط سيفتي)، إلا أن هذه الأشياء الأخيرة لم نرها منذ عملنا في المعمل، فالأحذية توزع على رؤساء الأقسام، والعامل لا حول له ولا قوة، وإصابات العمال بالجملة فلا يخلو يوم من جرح أو حرق أو حتى إصابات قد تصل إلى حد العجز، فكيف أحمي نفسي؟ 

أحد الشهود مفقود: 

أما «أبو مفيد» البالغ من العمر 25 عاماً العامل كحارس بيّن أنه بعد أن قطعت أصبع سبابته اليسرى عندما هرست تحت سلة لوضع الألمينويوم البالغ وزنها 200 كلغ، وطبعا دون حماية، أصبحت لديه نسبة 25% عجز، موضحاً: «إصابتي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات، ولم أحصل بعد على التعويض من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، بسبب المحسوبيات، حيث كان هناك شاهدان على الحادثة أحدهما ترك المعمل والأخر لا يزال على رأس عمله، وبسبب ذلك يعرقلون المعاملة بحجة جلب الشاهد الأخر، والسماسرة على باب التأمينات يطلبون مبالغ كبيرة كي ينجزوا المعاملة، فكيف أحصل على حقي وأنا أصبحت شبه عاجز؟» علماً أن «أبو مفيد» كان ميكانيكياً في قسم الصيانة عندما فقد أصبعه، وأكد لنا أن المهندس المسؤول عنه قد حاول فصله من عمله، بحجة التخفيف من عدد العمال، رغم أنه كان مُؤمناً عليه، لكن حلت المشكلة بعد مشاكسات ومطالبة المهندس بالعودة، وأنه لا يحق له فصله، وذلك بنقله إلى قسم الحراسة، فهل من المعقول أن يترك عامل بلا عمل لأنه أصيب أثناء عمله؟ أين نقابة العمال؟ 

آليات صناعية خارج حدود التأمين: 

وفيما يخص الآلات الصناعية وتأمينها فإن أحد المدراء الإداريين في المنشأة، قال: «لدينا خمس رافعات شوكية مدولبة إثنان جانبية كبيرة وثلاث أمامية صغيرة، فهي غير مسجلة في وزارة النقل، ولا تخضع لأي نوع من التأمين، فلا تحمل نمراً صناعية، حيث كانت تهرب وتخبأ عندما تأتي اللجان التأمينية ودوريات التموين، أضف لذلك أنه حتى هذه الآلات أصبحت شبه تالفة، بسبب الإهمال فلا يوجد فيها أدنى وسائل الحماية وتصلح «بالسكاجة»، وذلك كله من أجل التوفير، فمثلا لا يوجد بأي منها كشاف أمامي أو خلفي، والسائقون يعانون الأمرين في الوردية المسائية» زيادة معاشات والمحسوبيات «على قفا مين يشيل»: وعندما بحثنا عن المعاشات والأجور تفاجأنا بالمحسوبيات التي تطال المعمل، ففي الشهر الماضي، وبعد إضراب العمال داخل المعمل احتجاجاً على قلة الرواتب بالمقارنة مع غلاء المعيشة، زيدت المعاشات للعمال بشكل فوضوي غير عادل، فكل مدير قسم تركت له حرية الاختيار على أساس العامل الأكفأ، لكنهم بدلا من معيار الكفاءة اتخذوا معيار القرابة والصداقة، فزادوا لهم -طبعاً- النسبة الأكبر وكل قريب من رئيس القسم حصل على تلك الزيادة، أما العامل المجد فكان مغيباً، ومبالغ الزيادة تراوحت بين 10-30%، والظلم لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد ليلغي الزيادة الأخيرة للدولة، فلا وجود لها في معاملنا الخاصة كالعادة، فلا أحد يحاسب ولا من يحزنون.

ختاماً:

 الظلم يفترس عمال المصانع الخاصة أكثر من الحرب، ورؤوس الأموال همها الوحيد تكديس الدولارات، أما تجار الفساد فهم المستفيدون الوحيدون، لذلك لا بد من استجابة سريعة من مؤسسات حماية العمال، وإلا فإن اليد الحديدية التي تعيد النبض إلى البلد سيفترسها الجوع والبؤس.