عمال معامل الجوارب على السكة الصحيحة

عمال معامل الجوارب على السكة الصحيحة

نشرت قاسيون في عددها  727 بتاريخ 11 تشرين الاول  تحت عنوان (إضراب يجدي نفعا) متابعة ميدانية لمراسلها  لإضراب مجموعة من العمال في أحد معامل  القطاع الخاص غير المنظم للجوارب في المنطقة الصناعية بدمشق من أجل رفع الأجور، والذي أثمر عن زيادة 30% لأجور العاملين كافة، ولكن يبدو بأن هذه الظاهرة لن تتوقف عند ذاك المعمل، ففي يوم الخميس قبل الماضي بتاريخ 15 تشرين الأول أي بعد أربعة أيام من تاريخ الإضراب الأول حدث موقفان مهمان للعمال في معملين للجوارب في منطقة أخرى.

«قاسيون» كانت هناك لتعرض تفاصيل ما جرى.

موقف جماعي .. وخطوة أولى
في أحد معامل الجوارب قام عمال الكوي هناك وعددهم 7 بالاتفاق على المطالبة بزيادة أجر دزينة الكوي التي يتقاضون عليها أجراً 14 ليرة سورية عن كل دزينة هذا السعر الذي لم يحرك ساكناً منذ أشهر رغم الارتفاع الكبير والمتسارع للأسعار الذي طال المواد كافة ورغم كل أحاديثهم السابقة عن درجة استيائهم من هذا الأجر الشحيح الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، لم يجد العمال طريقاً للاتفاق على المطالبة الجماعية، ولم يستطيعوا كسر حاجز الخوف من ردة فعل رب عملهم، الذي لن يردعه أي شيء في حال طردهم، ولكن استمرار التداول فيما بينهم والمصاحب للقرارات الحكومية الأخيرة بدءاً بال 2500 الزيادة الممنوحة لعمال وموظفي القطاع العام ومن في حكمهم، مرورا برفع الدعم الجديد عن المازوت والغاز ورفع سعر ربطة الخبز (الذي طبق في الخميس الأسود الماضي) انتهاء بتطنيش رب العمل عن المبادرة ذلك كله أنضج الفكرة وزاد من الاحتقان، فأخذ عمال الكوي القرار بالإجماع وعليه فقد رفضوا قبض أجرهم يوم الخميس وفق سعر 14 ل.س للدزينة، مطالبين مدير المعمل بالاتصال برب العمل وإبلاغه قراراهم بأنهم لن يقبضوا إلا بسعر 20 ليرة للدزينة أي بزيادة 36% تقريبا فامتثل مدير المعمل لطلبهم، واتصل برب العمل الذي غضب من مطالبة العمال و رد بجملة واحدة يتقنها أرباب العمل (اللي بدو يقبض على هذا السعر أهلا وسهلا واللي ما بدو الله معو) ولكن العمال أصروا على طلبهم، ورفضوا ترك العمل وحصلت مشادة كلامية مع مدير المعمل، الذي أخذ جانب رب العمل وتكلم بلسان رب العمل ناسياً بأنه مجرد عامل مأجور ومتضرر، ولكن إصرار العمال أجبر المدير على معاودة الاتصال برب العمل وشرح الموقف ناقلا له خوفه من غضب العمال عليه، مما أجبره على رفع السعر لـ 18 ليرة أي 28% التي لم تكن تلبي مطلب العمال ولكنهم قبلوا بها بعد المشاورة فيما بينهم، كخطوة أولى متفقين على جولة أخرى في المدى المنظور.


تحرك منظم .. ونتائج مقبولة

علم أحد العمال وهو الأكبر سنا بين زملائه في أحد معامل الجوارب بالزيادة التي حصل عليها عمال الإضراب الذي حصل في المنطقة الصناعية، كون أحد أقاربه يعمل هناك فأعد العدة لفعل مشابه، وقام بطرح الفكرة على مجموع العمال والعاملات البالغ عددهم 12 عاملاً وعاملة، فوافق الجميع على المطالبة الجماعية برفع الأجور التي لم ترتفع منذ 10 أشهر، وفوضوا العامل المذكور بالتفاوض بلسانهم، وهذا ما حصل ولم تكن ردة فعل رب العمل كسابقيه حيث وافق على زيادة فورية 20% لجميع الأجور، فلم يوافق العامل المفاوض مطالبا بـ 50 % فاعترض رب العمل، وأصر على أن الـ 20% مقبولة وغير ذلك فليأتي العمال ويأخذوا تعويضهم، مبرراً ذلك بضعف حركة الأسواق، فوضع العامل بين يديه تفاصيل الأسعار الكاوية، وسوء حال العمال المعيشي وبأن العمال على استعداد لترك العمل والبحث عن بديل، فالأجور بالسوق ترتفع ونصحه بالحفاظ على عماله كونهم (فهموا عليه وفهم عليهم) وكون الشتاء هو موسم بالنسبة لصناعة الجوارب، فأصر رب العمل على 20%  مع الوعد بزيادة مماثلة بعد الجرد السنوي بداية العام القادم، فوافق العامل المفاوض مباشرة حاملاً الاتفاق لزملائه الذين لم يصدقوا بأنهم حصلوا على زيادة فورية وزيادة مؤجلة، وقالت إحدى العاملات (والله الشغلة سهلة لو عرفانين هيك كنا من زمان ساوينا هالشغلة وأخدنا شوي من حقنا)

تعقيب
لقد كفل الدستور السوري حق الاضراب للمواطنين ومنهم العمال ورغم ذلك لم تبادر النقابات لتعزيز ذلك من خلال برامجها وخططها وخطابها رغم أهمية هذه الاداة بالنسبة للعمال في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم ولكن الواضح بأن عمال القطاع الخاص غير المنظم سيسيرون باتجاه خوض معاركهم وحدهم لعلهم ينقذون ما تبقى من بضع لقيمات تبقي أطفالهم خارج قوافل الجوعى.