من الأرشيف العمالي: «شيء من بروغرامه»

في دراسة للشأن العماليّ للرفيق النقابيّ «عبدالله خليل» نشرت في مجلة الطليعة ، يقول في مقدمتها: من المعروف إن الطبقة العاملة قد ظهرت مع ظهور الرأسمالية، إذ يعود ظهور العمال الأجراء إلى القرن السادس عشر حيث أخذت الرأسمالية تتطور، ولكن الطبقة العاملة لم تتبلور كطبقة مكتملة تماماً إلا مع الثورات الصناعية، وقد أقامت الطبقة العاملة خلال تاريخها منظمات مختلفة لتخدم أهدافاً معينة لها، وهكذا كانت صناديق التعاضد المساعدة والتعاونيات أولى أشكال تنظيم العمال، ثم ظهرت النقابات التي ساعدت العمال

على الوقوف في جبهة واحدة ضد أرباب العمل في النضال من أجل مصالحهم الاقتصادية المباشرة والآنية فقد أدركت الطبقة العاملة ومن خلال تجربتها التاريخية بأن الحل الجذري لشقائها وتحررها مستحيلان بدون الإطاحة بديكتاتورية البرجوازية، ولا يمكن ذلك إلا من خلال حزب سياسيّ يعبر عن مصالح الطبقة العاملة ويقود نضالها.
لكن المجتمعات البشرية تتفاوت في مراحل تطورها، ولكل مجتمع ظروف تاريخية واقتصادية واجتماعية وسياسية خاصة، يتأثر بها ويؤثر فيها، ففي مجتمعنا انبثقت الطبقة العاملة من أحشاء الحكم الإقطاعيّ العثمانيّ مع غزو الرأسمال الأجنبيّ لسوقنا الداخلية لتخلق لدينا صناعة مشوهة وتابعة للرأسمال الأجنبيّ بدأ عمالنا نضالهم من أجل مطالبهم في العقد الثاني من القرن العشرين، ففي عام 1913 قام عمال النسيج في حلب بإضراب من أجل زيادة أجورهم، وكانت صناعة النسيج تحتل المرتبة الأولى في الصناعة السورية وعمل فيها حوالي مئة ألف عامل، وشكلوا العمود الفقريّ للطبقة العاملة التي تكونت فيما بعد حيث بدأت التجمعات العمالية الأولى تظهر في أعقاب الحرب العالمية الأولى في المؤسسات الحرفية والصناعية التي كانت موجودة أيام الحكم العثمانيّ، وخاصة المؤسسات الصناعية الأجنبة التي ازدادت مواقعها رسوخاً في عهد الاحتلال الفرنسيّ، وبدأت تتكون النقابات السورية الأولى في مدن سورية، ومنها نقابة عمال الطباعة ونقابة عمال التبغ والتنباك، وبدأت النضالات المطلبية التي انطلقت من إضراب عمال سكة الحديد سنة 1920 لزيادة الأجور، وفي العام نفسه بدأ أول ظهور لمنظمات عمالية وماركسية، وفي عام 1924 تأسس الحزب الشيوعيّ السوريّ، وفي عام 1925 توجه الحزب بنداء إلى الكادحين دعاهم إلى الاحتفال بعيد الأول من أيار عن طريق تنظيم التظاهرات والاضرابات، فقامت المظاهرات في كل مدن سورية ولبنان التي كان فيها فروع للحزب الشيوعي، وفي تموز من العام نفسه أصدر الشيوعيون جريدة تنطق باسمهم هي جريدة (الإنسانية) وفي عام 1930 أصدر الحزب كراساً يحمل عنوان «لماذا يناضل الحزب الشيوعيّ السوريّ؟.. غايته القصوى وشيء من بروغرامه» تضمن مطالب الحزب لتحسين حياة العمال ويحتوي على بنود بمطالبهم الأساسية.

مجلة الطليعة العدد 3 لعام 1995