بصراحة: وقائع  أليمة تجري على الأرض؟!

بصراحة: وقائع أليمة تجري على الأرض؟!

مع كل طالع شمس تسمع خبراً جديداً يضاف إلى ما تراكم من أخبار تدمي القلب هذا بيته قد دمر وذاك بيته قد تمركز به المسلحون ليتحول كل ما بداخله إلى دمار لا فرق هنا فالدمار واحد، من أي مصدر جاء إن بسبب قذيفة عابرة للقارات  أم بسبب فتحات يصنعها المسلحون في جدران المنازل لاتقاء النيران القادمة من الطرف الآخر.

أيها المسلحون من كل حدب وصوب اخرجوا وتقاتلوا في أماكن أخرى بعيدة عن آلامنا وشقاء عمرنا الذي أكل من لحمنا وعظامنا، حربكم المجنونة أدمتنا ودمرت ما تبقى من عمرنا القصير الذي أمضينا جله ونحن نلملم ما تبقى من أحلامنا من أجل منزل، أي منزل يضمنا بين جدرانه حتى وإن كانت الرطوبة تنخر تلك الجدران والعفن يزينها، لا بأس لا يهم العفن فهذه الحال ليست حالنا وحدنا، بل هي حال كل القاطنين مثلنا في عشوائياتنا التي صنعها الفساد وأجبرنا نحن الفقراء والمهمشين أن نعيش في مثل ظروف كهذه أقل ما يقال فيها إنها غير إنسانية ولكن ماذا نصنع، قدرنا أن نَظلم مرتين الأولى عندما ارتضينا قسراً العيش في «منازلنا العشوائية»، والثانية عندما فرض علينا الهجرة من بيوتنا قسراً خوفاً من الموت غير المبرر نتسول مكاناً آخر يؤوينا على أمل أن نعود مرة أخرى إليها، إن جميع المتقاتلين يقولون لنا نحن قادمون من أجل حمايتكم والحفاظ عليكم، و في الخارج أيضاً يدَعون حمايتنا بدباباتهم وصواريخهم التي ستقتلنا كما نقتل الآن دون ثمن أو ذنب ارتكبناه سوى أن المسلحين قد ارتأوا هذه الأمكنة مناسبة من الناحية العسكرية، والاجتماعية لإقامة متاريسهم التي يقاتلون من خلفها دون حساب لما سيلاقيه السكان من مصير أسود ينتظرهم في ترحالهم للبحث عن مكان ما يحقق لهم سلامتهم الشخصية.

لقد أظهرت التجربة القاسية للشعب السوري خلال أكثر من عام ونصف من الكر والفر بين المتقاتلين، بين من يرى في الحسم سبيلاً لتحقيق الانتصار وبين من يرى في ساعة الصفر التي حددت أكثر من مرة أيضاً طريقاً له في تحقيق شعاره غير الواقعي وغير الممكن تحقيقه بسبب التوازنات الدولية الإقليمية والمحلية حيث تداخلت تلك التوازنات لتنتج في نهاية المطاف عدم تحقق الانتصار لأي طرف من الأطراف، والذي تحقق بالفعل الدمار الواسع للبشر والحجر، ونزيف الدم السوري، والتصدع الذي أصاب الوحدة الوطنية نتيجة للشحن الطائفي المتبادل الذي يخدم في النهاية أصحاب المشروع التفتيتي الذي يعتاش على إيقاظ كل ما له علاقة بمكونات الدولة ما قبل الوطنية، لقد أظهرت التجربة تلك أن الشعب يريد مخرجاً آمناً لا يكون  الرصاص فيه إلاً باتجاه العدو الرئيسي«الصهيوني، الأمريكي والقوى الظلامية»، ويكون الخيار الوحيد  للخروج الآمن من الأزمة من خلال التفاهمات عبر الحوار الوطني من أجل سورية المقاومة، والديمقراطية، بين أطراف الأزمة جميعاً دون إقصاء لأحد طالما الموقف واضح من أي تدخل خارجي ورافضاً لكل أشكال العنف الذي يسعى أعداء الوطن لاستمراره بكل الطرق والإمكانات المتاحة لهم، وهي كبيرة وكثيرة، ولكن من سيقطع الطريق على ذلك هو الموقف الوطني للشعب السوري وقواه الحريصة، والعاملة على إخراج البلاد والعباد من هذه الأزمة الساحقة، والماحقة بنتائجها على الوطن أرضاً وشعباً.

جرت تبدلات أساسية وجوهرية في الموقف الشعبي العام مما يجري على الأرض وخاصةً في الدمار الكبير الذي كان أحد مسبباته تمركز المسلحين داخل الحارات، والأبنية، وطريقة التعامل مع وجودهم هذا، وهذا يعني رفض السكان لوجودهم، وهذا الرفض تم بأشكال عدة أي أن البيئة الحاضنة لهم تضيق مما يعني ضرورة ملاقاة هذا التحول باتجاه أوسع مصالحة وطنية في المناطق جميعا والتعويض على المتضررين وهناك العديد من التجارب التي يمكن القول إنها تقترب من النجاح.

من أجل الوطن موحداً، وقوياً لابد أن نغفر ونسامح، ونتحد، وفي ذلك خير لسورية.