من الأرشيف العمالي: مسؤولية السلطة التنفيذية

من الأرشيف العمالي: مسؤولية السلطة التنفيذية

ليس غريباً أن يحاول أي شخص أن يخفف من أثقاله إذا أتعبته الحياة بمشاقها. ولكن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، لا أن تتهرب منها، وهذا يتطلب منها أن تنظر إلى الأمور نظرة واقعية وبحسٍ وطني عالٍ. فمعالجة الواقع يجب أن تنطلق من الواقع نفسه وهذه قضية هامة، والمهم ألا تصغي الحكومة أو اللجان الوصائية إلى نصائح من هم أعداء الوطن من بيوتات المال الغربية (صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو غيرها من المؤسسات المالية العالمية) لأن أي متابع يحاول دراسة تجارب البلدان التي اتبعت  «نصائح» هذه المنظمات، ولاسيما نصيحة تجميد الأجور وفصل الدور الاقتصادي للدولة عن دورها الاجتماعي يجد بأنها قد أدت إلى:

1. ارتفاع نسبة البطالة.

2. ارتفاع معدلات النهب المنظم والعشوائي.

3. ارتفاع نسبة الأمية.

4. ارتفاع معدلات الأمراض الاجتماعية (مخدرات ــ دعارة.. وغيرها).

كما أنها أدت وبشكل  مباشر إلى الركود الاقتصادي حيث ازدادت نسب التضخم وبأرقام غير معقولة، وغدا هناك خلل كبير في معادلة الأجور والأسعار والأرباح التي نتج عنها وبشكل مباشر زيادة المخازين في القطاعات الإنتاجية نتيجة ضعف القوة الشرائية الناتجة عن سياسات تجميد الأجور وكذلك تخفيض المعدلات في الخطط الإنتاجية، مما أثر سلباً على تطور العملية الإنتاجية بحد ذاتها، ومن هنا  ظهر الفائض في العمال والبطالة المقنعة، فعندما كانت القطاعات الإنتاجية تعمل بطاقاتها الإنتاجية الكاملة، كان الملاك العددي لهذه القطاعات متلائماً مع هذه الطاقات الإنتاجية. ولكن تخفيض الخطط أدى إلى فائض في العمالة والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا خفضنا طاقاتنا الإنتاجية؟

والجواب: بسبب تراكم المخازين والتي سببها الأساسي انخفاض القدرة الشرائية عند المواطنين نتيجة الخلل في معادلة الأجور والأسعار إلى جانب النهب غير المعقول لموارد الدولة.

ولهذا نرى أن أزمتنا الاقتصادية مفتعلة وقطاعاتنا الإنتاجية مخسرة والسبب الرئيسي هو السياسات التي طبقت منذ سنوات طويلة على قطاعنا الاقتصادي بشكل عام والتي كانت عبارة عن نقل غير مباشر لوصفات صندوقي النقد والبنك الدوليين.

واليوم نرى أن السلطة التنفيذية بدلاً من أن تتحمل هي أعباء المسؤولية عن تردي الأوضاع، تحمّل الطبقة العاملة هذه المسؤولية وتتهرب من مسؤولياتها وتقترح مشاريع عديدة ومن أهمها التقاعد المبكر وهذا ما يجب أن نتوقف عنده، فمثل هذه الاقتراحات قد تخدم وبنسب بسيطة الهدف المنشود ومعالجة البطالة المتفاقمة في البلاد. إن هذه المعالجة قاصرة ومكتوب لها الفشل لأن أزمة البطالة تتطلب المزيد من العمل الجاد لزيادة الاستثمارات ووضع خطة تنمية واضحة نستطيع من خلالها امتصاص الجزء الأكبر من الأيدي العاملة المطروحة في السوق، صحيح أن هناك إشكالية في الفائض بعدد العاملين في مؤسسات الدولة، وعلاج هذه المشكلة لايكون بالحض على التقاعد المبكر بقدر ما هو في إجراءات أخرى... إلى تشغيل الكادر والاستفادة من طاقته. لهذا نقول للسلطة التنفيذية:

عليك مواجهة استحقاقات التنمية، لا الهروب منها فالبلاد بحاجة لكل خبراتها لتخوض معركة التطوير والتحديث وليس العكس.