«حنظلة» والزمن الصعب
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

«حنظلة» والزمن الصعب

أراد ناجي العلي لـ»حنظلة» أن يظل طفلاً وشاهداً، من خلال طفولته بالذات، على عصره، وأبناء جلدته من الفقراء تظهرها بساطة ملابسه، والرقعة الموجودة على كتفه، يدير لنا ظهره لينبهنا ويجعلنا نرى ما يرى وندرك ما يدرك. فهو كغيره من أطفال فلسطين أحد أبناء الزمن الصعب، الذين لا يملكون خياراً سوى مواجهة مشكلات تفوق القدرة على الاحتمال، والأمل في صباح جديد.

تنقل الشاشات «المفاجَأة» للعالم كله. جاء الحدث سريعاً وصاعقاً. ونقلت الصور ومقاطع الفيديو الذي نشرته المقاومة الفلسطينية اللحظات الأولى من انطلاق عملية «طوفان الأقصى» فجر السبت الماضي، وأصبحت الخبر الإعلامي الأبرز في العالم الذي يراقب مذهولاً.
تأتي أهمية الحدث ليس فقط من كونه يخص دولة الاحتلال، بل من تأثيره المباشر على الوضع العالمي ككل، فهو ضربة للذراع الأساسي الأمريكي في المنطقة، من جهة، ولأنها المرة الأولى التي جرى فيها كسر قواعد اللعبة، وأخذت المقاومة الفلسطينية زمام المبادرة والهجوم، من جهة أخرى. إضافة إلى الإبداع في التخطيط والتنفيذ والأدوات المستخدمة وحجم الخسائر الكبير للكيان الصهيوني.

قوة الحق وصاحب الحق سلطان

راهن الاحتلال الإسرائيلي عبر السنين على القوة العسكرية ونظام عالمي متواطئ، كما راهن على النسيان، فغداً يموت الكبار وينسى الصغار. ولكن يوماً تلو آخر، يتبين أن جيل النسيان لم ولن يولد رغم ظروف القهر والموت، فالذاكرة الفلسطينية الحيّة لا تموت لأنها مكتوبة بالدم والدموع، ولا يخلو أي منزل فلسطيني من صورة شهيد، وما من أسرة لم تقدّم أسيراً أو جريحاً. يحفظ الشهداء بدمائهم ذاكرة الحق والحقيقة، ولأنهم أبناء الزمن الصعب فهم ملزمون بالتفكير في حلول جذرية، ولا يملكون خياراً سوى إكمال المسير.

«ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»

لم يكن «حنظلة» يوماً مراقباً ساكناً، فهو يتحرّك ويتحرّر داخل اللوحة، ويشارك في الأحداث، رغم حجمه الصغير، في مواجهة الضعف والتخاذل ومحاولات التطبيع.
يبدو الأفق اليوم أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، فالعالم شهد حدثاً استثنائياً ومفصلياً هاماً في محيط غزة وعلى أسوارها وبسواعد مقاوميها، والمزاج الشعبي عند غالبية المسحوقين مبتهج بما يحدث في فلسطين، ربما لأن الحروب جميعها واحدة بجبهات متعددة وربما لأن محاولة إيجاد حل لأحد الملفات التي تستوجب الحل من الملفات العالمية، ستسحب معها البقية. أما المهانة المجلجلة التي تلقاها الاحتلال و»جيشه» في الأيام القليلة الماضية، فهي تؤكد حقيقة واحدة ثابتة وحتمية، أن الاحتلال إلى زوال.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1144
آخر تعديل على الخميس, 19 تشرين1/أكتوير 2023 15:46